الجمع بين الصلاتين - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢٤٦
ومتفق عليها عند الجميع، وسيمر عليك بعضها، وما أدري كيف خالفها الحنفية فحملوا كافة أحاديث الجمع في الحضر والسفر وفي جميع الحالات على الجمع الصوري، وذلك ما لا يتفق مع الكتاب والسنة والإجماع.
خامسا: إن النبي (ص) لما جمع بالمدينة أخبر أنه أراد بجمعه بين الصلاتين رفع الحرج عن أمته والتوسعة عليهم. والجمع الصوري ليس فيه رفع لحرج التفريق عنهم، ولا توسعة عليهم، بل فيه إثبات وتقرير لما جاء به جبرئيل من الأوقات الخمسة المفضلة، ويكون النبي (ص) بجمعه الصوري قد صلى كل صلاة بوقتها المفضل فأي حرج إذا رفعه النبي عن أمته، وأي توسعة وسعها عليهم؟ والحال أن التوسعة تقتضي أن يكون في الوقت ضيق فيوسعه النبي وذلك لا يكون إلا إذا جمع جمعا حقيقيا جمع تقديم وجمع تأخير.
سادسا: إن الجمع الصوري - كما حددوه - فيه حرج أكثر من الحرج في التفريق، وذلك لأن الجمع الصوري هو أن يصلي الظهر عندما يبقى من وقته مقدار أربع ركعات فإذا فرغ منها دخل وقت العصر فيصليها فلا يخلو الحال إذا من أن يكون النبي (ص) قد أخبر أصحابه عند الزوال أنه يريد أن يجمع بهم قبيل العصر فكلفهم - بعد اجتماعهم - بالانصراف إلى غذائهم وسائر حوائجهم والرجوع إلى المسجد قبيل العصر، أو تركهم من وقت الزوال إلى قرب وقت العصر في الانتظار وفيهم من فيهم من الشيخ الكبير والضعيف وذوي الحاجات والنساء ذوات الأطفال. أو أنه أعلن لهم عند اجتماعهم للصلاة في الليل وأمرهم أن يجتمعوا غدا قبيل صلاة العصر بمقدار أربع ركعات حتى يجمع بهم بين
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»