الجمع بين الصلاتين - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢٤٤
وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء؟ قال: وأنا أظن ذلك. ثم قال الشوكاني: وأبو الشعثاء هو راوي الحديث عن ابن عباس كما تقدم ".
فالشوكاني يؤيد تأويل الجمع الصوري حيث ظنه أبو الشعثاء باعتباره راوي الحديث، ومعلوم باعلان القرآن المجيد (إن الظن لا يغني من الحق شيئا (سواء صدر من الراوي أو من غيره، وقد حذر النبي (ص) بقوله في الحديث المتفق عليه: (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث) ومن هنا قال احمد بن شاكر عند شرحه لحديث أبي الشعثاء في (مسند احمد) بما نصه: " وهذا الجمع الصوري من تأويل أبي الشعثاء ولا حجة له فيه " (1).
هذا ولعل عمرو بن دينار يقصد باستفهامه من أبي الشعثاء، وقوله: أظنه أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء، أن النبي جمع جمع تأخير لا جمع تقديم، ولم يقصد الجمع الصوري أصلا.
ثالثا: إن لفظ (الجمع) في عرف الشريعة لا يطلق إلا على الجمع الحقيقي بين الصلاتين في وقت إحداهما جمع تقديم أو جمع تأخير، بل ولا ينصرف الذهن مطلقا إلا إليه، وهذا حتى عند الشوكاني نفسه، ولذا تراه أطلق كلمة (الجمع) على رسالته التي سماها (تنشيف السمع بإبطال أدلة الجمع) فإنه يريد بهذا الإطلاق الجمع الحقيقي قطعا، لأنه هو الذي يحاول إبطاله لا الجمع الصوري الذي يؤيده ويريده. وهكذا من افتعل حديثا على النبي (ص) أنه قال: (من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»