شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٥٠
الذي بين عالم الأرواح المثالي، وبين هذه النشأة العنصرية، كما مر في المقدمات في الفصل الكاشف عن أحوال عالم المثال.
(فإنه ما ادعى الإخبار بما هنالك) أي، بما في البرزخ (إلا بعد الموت، فأمر أن ينبش عليه ويسأل فيخبر أن الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدنيا، فيعلم بذلك) الإخبار (صدق الرسل كلهم فيما أخبروا به في حياتهم الدنيا. فكان غرض خالد صلى الله عليه وسلم إيمان العالم كله بما جاءت به الرسل) من أحوال القبر والمواطن والمقامات البرزخية (ليكون) خالد (رحمة للجميع، فإنه تشرف بقرب نبوته من نبوة محمد، صلى الله عليه وسلم، وعلم خالد أن الله أرسله رحمة للعالمين. ولم يكن خالد برسول، فأراد أن يحصل من هذه الرحمة في الرسالة المحمدية على حظ وافر ولم يؤمر بالتبليغ، فأراد أن يحظى بذلك) التبليغ من مقام الرسالة (في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حق الخلق.) أي، ليعلم قوة علمه بأحوال الخلائق في البرزخ.
(فأضاعه قومه. ولم يصف النبي، صلى الله عليه وسلم، قومه بأنهم ضاعوا، وإنما وصفهم بأنهم أضاعوا نبيهم) أي، أضاعوا وصية نبيهم (حيث لم يبلغوه مراده.) وقصته: أنه كان مع قومه يسكنون بلاد عدن، فخرجت نار عظيمة من مغارة فأهلكت الزرع والضرع، فالتجأ إليه قومه. فأخذ خالد يضرب تلك النار بعصاه حتى رجعت هاربة منه إلى المغارة التي خرجت منها. ثم، قال لأولاده: إني أدخل المغارة خلف النار لأطفئها. وأمرهم أن يدعوه بعد ثلاثة أيام تامة. فإنهم إن نادوه قبل ثلاثة أيام، فهو يخرج ويموت، وإن صبروا ثلاثة أيام، يخرج سالما. فلما دخل، صبروا يومين واستفزهم (1) الشيطان، فلم يصبروا تمام ثلاثة أيام، فظنوا أنه هلك، فصاحوا به، فخرج، عليه السلام، من المغارة وعلى رأسه ألم حصل من صياحهم. فقال: ضيعتموني وضيعتم قولي ووصيتي. وأخبرهم بموته، و أمرهم أن يقبروه ويرقبوه أربعين يوما. فإنه يأتيهم قطيع من الغنم يقدمها حمار أبتر مقطوع الذنب، فإذا حاذى قبره ووقف، فلينبشوا عليه قبره، فإنه يقوم ويخبرهم

(1) - إستفزهم، أي استخفهم. (ج)
(١١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1144 1145 1146 1147 1149 1150 1151 1153 1154 1155 1156 ... » »»