(وأما حكمة إلقائه في التابوت ورميه في اليم: فالتابوت ناسوته) أي، التابوت إشارة إلى ناسوته. (واليم) إشارة إلى (ما حصل له من العلم بوساطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية والقوى الحسية والخيالية التي لا يكون شئ منها) أي، من تلك القوى. (ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.) لأن كل واحدة منها حقيقة برأسها، كالنفس الإنسانية نزلت لخدمتها في هذه النشأة العنصرية وسجدت لها وانقادت بأمر ربها.
(فلما حصلت النفس في هذا الجسم وأمرت بالتصرف فيه وتدبيره، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصل بها إلى ما أراده الله منها) أي، من النفس. (في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.) وإنما كانت السكينة فيه، لأن الأمور الكلية والمعاني الحقيقة لا تزال تتحرك بالمحبة الذاتية إلى أن تصل إلى الحضرة الشهادية و تدخل تحت الاسم (الظاهر)، فيجد السالك فيها المعاني بصورها ويسكن إليها.
لذلك كانت المحسوسات أجلى البديهيات. فاليقين والعلم الذوقي والإيمان الغيبي والتجلي الشهودي لا يحصل إلا في هذه الحضرة وبواسطتها، لذلك صارت الدنيا مزرعة الآخرة فصارت سكينة الرب * (فرمى به في اليم ليحصل بالقوى) المذكورة (على فنون العلم.) أي، ليكون بها مستعليا على أنواع العلوم الحاصلة بالحواس الظاهرة والباطنة. يقال: حصل فلان على عرشه. إذا استعلى عليه.
(فأعلمه) أي، الحق. (بذلك) أي، بذلك الرمي موسى بوضعه في التابوت وإلقائه في اليم (4) (أنه) أي، الشأن. (وإن كان الروح المدبر له هو الملك، فإنه لا يدبره إلا به.) أي، فإن الروح المدبر له لا يدبره إلا بواسطة هذا