شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١٠٩١
بذلك. وأما حكمة وصيته في نهيه إياه: (ألا تشرك بالله فإن الشرك لظلم عظيم)) فتنبيه لابنه، ولكل من يسمع هذا الكلام، على أن الشريك منتف في نفس الأمر إذ العين الواحدة الأحدية هي الظاهرة في كل من الصور، فجعل إحدى الصورتين شريكا للأخرى إشراك للشئ مع نفسه. وهو ظلم عظيم.
ولما ذكر أن الشرك ظلم، فلا بد ممن وقع عليه الظلم، قال: (والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام.) أي، المظلوم هو المحل الذي وصفه المشرك الظالم بالانقسام إلى الإثنينية (وهو عين واحدة) أي، والحال أن المحل القابل للصور والإضافات عين واحدة، لا تكثر فيها ولا انقسام.
(فإنه لا يشرك معه إلا عينه. وهذا غاية الجهل.) أي، لأن المشرك إذا أشرك مع الحق إلها أخر، لا بد أن يكون موجودا، وكل ماله وجود فهو متحقق بالوجود الذي هو الحق، فما أشرك معه إلا عينه لا غيره. وهذا عين الجهل بالحقيقة والإله.
(وسبب ذلك) (ذلك) إشارة إلى قوله: (فإنه لا يشرك معه إلا عينه.) أي، وسبب ذلك الإشراك: (أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه، ولا بحقيقة الشئ، إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة، وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة، جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام.) أي، جعل العين الواحدة الحاملة للصور الوجودية منقسما، فجعل لكل صورة جزءا منها (8) (ومعلوم في الشريك أن الامر الذي يخصه.) أي، القسم الذي يخص الشريك (مما وقعت فيه المشاركة ليس عين القسم الآخر الذي شاركه، إذ هو للآخر.) لأن الفرض أن ذلك القسم الآخر. (فإذا ما ثمة شريك في الحقيقة، فإن كل واحد على حظه مما قيل فيه إن بينهما مشاركة فيه وسبب ذلك الشركة المشاعة) أي، وسبب ذلك القول - أي القول بوجود الشريك - هو الاشتراك في العين الواحدة الغير المنقسمة. فقوله: (الشركة المشاعة) خبر للمبتدأ.

(8) - أي، من العين الواحدة.
(١٠٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1086 1087 1088 1089 1090 1091 1092 1093 1094 1095 1096 ... » »»