(وإن كانت مشاعة، فإن التصرف من أحدهما يزيل الإشاعة.) أي، وإن كانت العين الواحدة مشاعة، مشتركة بين الشريكين، أيضا تزول الإشاعة. أي، الشركة إذا كان أحدهما مطلق التصرف والآخر لا تصرف له، ولا شك أن الحق تعالى مطلق التصرف في العالم، فلا إشاعة، فلا شركة. ( (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن). هذا روح المسألة.) أي، قوله تعالى:
(قل ادعو الله أو ادعو الرحمن). هو روح مسألة الشركة وحقيقتها. وذلك لأن الشئ إنما يتحقق بروحه التي تربه، والشركة التي يثبتها المشركون أمر وهمي، لا روح لها ولا حقيقة في نفس الأمر، والشركة التي بين الاسم (الله) والاسم (الرحمن) أمر حقيقي، لدلالة كل منهما على الذات. وهو إنما يستفاد من هذه الآية، فكانت الآية روح مسألة الشركة. وهذا إشارة إلى ما قال الشيخ، رضى الله عنه، في فتوحاته، في فصل الأولياء المشركين بالله: فلا تجزع من أجل الشريك الذي شقي صاحبه، فإن ذلك ليس بمشرك حقيقة، وأنت هو المشرك على الحقيقة، لأنه من شأن الشركة اتحاد العين المشتركة فيها، فيكون لكل واحد الحكم فيه على السواء، وإلا فليس بشريك مطلق. وهذا الشريك الذي أثبته الشقي، لم يتوارد مع الله على أمر يقع فيه الاشتراك، فليس بمشرك على الحقيقة، بخلاف السعيد، فإنه أشرك الاسم (الرحمان) بالاسم (الله) وبالأسماء كلها في الدلالة على الذات، وفي الجامعية للأسماء والصفات. فهو أقوى في الشرك من هذا (9): فإن الأول شريك من دعوى كاذبة، وهذا أثبت شريكا بدعوى صادقة.
فغفر لهذا المشرك لصدقه، ولم يغفر لذلك المشرك لكذبه في دعواه. فهذا أولى باسم (المشرك) من الآخر. والله هو الغفور الرحيم.