المشاء بفتح (الميم) فيهما، لأنه المصدر الميمي. والأول خبر (ليس). والثاني اسمه. أي، ليست مشيئه إلا مشيئته. ومعناه: أن المشيئة بعينها هي الإرادة الذاتية من حيث الأحدية، لأنهما، كما ذكرنا، في كونهما عين الذات شئ واحد. و أما باعتبار امتيازهما من الذات ونسبتهما إليها كباقي الصفات. فهما حقيقتان متغائرتان يجتمعان ويفترقان من حيث الإلهية. فنبه بقوله: (مشيئته إرادته) إلى آخر البيت، على أنهما في كونهما عين الذات واحد في عين الأحدية. وبقوله:
(يريد زيادة) إلى آخره، على الفرق بينهما. هذا على المعنى الثاني في البيت السابق.
وأما على الأول، فيكون قوله: (فقولوا بها قد شاءها فهي المشاء)، بفتح (الميم)، تنبيها على أن الإرادة مترتبة على المشيئة، كما المشيئة تترتب على العلم، والعلم على الحياة، فهي غيرها. وقوله: (يريد زيادة) فارق آخر. وهو أن الإرادة تتعلق بالزيادة والنقصان في الجزئيات، أي، يريد أن يكون شئ ناقصا و آخر زائدا، وليست المشيئة كذلك، فإنها هي العناية الإلهية المتعلقة بالكليات لا الجزئيات. فحاصل البيت الثاني: أن المتعلقات الإرادة يزيد وينقص، بخلاف متعلقات المشيئة، فإنها على حالها أزلا وأبدا، لأن المشيئة متعلقة بالكليات لا بالجزئيات، والكلي لا يوصف بالزيادة والنقصان. ومن تتبع مواضع استعمالات (الإرادة) في القرآن يعلم أن الإرادة يتعلق بإيجاد المعدوم، لا بإعدام الموجود، بخلاف (المشيئة)، فإنها متعلقه بالإيجاد والإعدام.
(فهذا الفرق بينهما فحقق * ومن وجه فعينهما سواء) ظاهر.
(قال الله تعالى: (ولقد آتينا لقمان الحكمة ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا). فلقمان بالنص هو ذو الخير الكثير بشهادة الله له بذلك (2) و (الحكمة) قد تكون