شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١٠٥٨
نؤمن بالآية حتى نؤتى مثل ما أوتى الرسول المبلغ إياها. ف‍ (رسل الله) (الله) جملة أخرى. أي، رسل الله هم مظاهر الله. و (أعلم) خبر مبتداء محذوف. أي، هو أعلم حيث يجعل رسالاته.
والثاني، (الله) مبتدأ و (أعلم) خبره. فهو كلام مستأنف.
والوجه الأول وإن كان فيه تعسفات كثيرة، لكن لما كان في نفس الأمر كلاما حقا، التزمه. ويظهر حقيته لمن يعرف سر قوله تعالى: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله. يد الله فوق أيديهم. ومن يطع الرسول فقد أطاع الله). وأمثال ذلك.
وكلا الوجهين حقيقة فيه. أي، حق مطابق لما في نفس الأمر، لا مجاز، كما زعم أهل الظاهر في آية (المبايعة) و (الطاعة) وأمثالها. وإذا كان هوية الحق عين هوية الرسول، (9) كان التشبيه الذي في الرسل ثابتا للتنزيه الذي في هوية الحق و بالعكس. وذلك معنى قوله: (ولذلك قلنا...) - إلى آخره. أي، ولأجل أن

(9) - اعلم، أن هذه المبايعة هي نتيجة التعارف الأزلي والايتلاف الحقيقي، لأن الأرواح جنود مجندة. وإنما كانت مبايعته مبايعة الله، لفنائه في المبدأ وبقائه به. فكلما صدر عند صدر عن الله، وكلما نسب إليه، نسب إلى الله، ولذا قال: (ومن رآني فقد رأى الحق). أي، من رأى وعلم عيني الثابتة ومظهريتها لجميع الكمالات الإمكانية، فقد رأى الحق الساري والظاهر في الأشياء. أو من تحقق بمقامي، فقد تحقق بمقام الحق الظاهر. أي، ظهوره المطلق. أو، من رآني وعلم صورة نفسي، فقد رأى الحق. أي، الأمر المطابق للواقع.
وقد ورد عن على، عليه السلام، بناء على ما نقل عن السلمان الفارسي، عليه السلام، و جندب، رضى الله عنه، وغيره من أكابر أصحاب نبينا، صلوات الله عليه وعلى من آل إليهم أموره، من عترته وأهل بيته: (معرفتي بالنورانية معرفة الله). وخرج على، عليه السلام، ليلة قمراء من بيته، في زمان خلافته في الكوفة، وقد رأى، عليه السلام، جماعة في خلفه وقال: من أنتم؟ قالوا: نحن شيعتك يا أمير المؤمنين. وقد نظر على (ع) بسيماهم وقال: (لا أرى في وجوهكم أثرا مما تقولون، ولكن أرى في عالم الذر أن في قلوبكم حبى وحب شيعتي وأولادي). (ج)
(١٠٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1053 1054 1055 1056 1057 1058 1059 1060 1061 1062 1063 ... » »»