(ويعرف بقرينة الحال أن النبي من حيث ماله في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أن الله يكرهه منه، أو يقدم على ما يعلم أن حصوله محال.) أي، يعرف الذي اقترنت عنده حالة أخرى أن النبي من حيث إنه ولى عارف بحقه و أسمائه وصفاته، محال أن يقدم على طلب ما يكرهه الحق، أو يقدم على طلب ما يعلم أن حصوله محال.
(فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقررت، أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله: (لأمحون اسمك من ديوان النبوة). فخرج الوعد فصار) أي، هذا الخطاب الإلهي. (خبرا يدل على علو مرتبة باقية. وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرسل في الدار الآخرة التي ليست بمحل لشرع يكون عليه) أي، على ذلك الشرع. (أحد من خلق الله في جنة ولا نار بعد الدخول فيهما.
) تلك المرتبة الباقية على الأنبياء والرسل إنما هي الولاية لا غير، فإن النبوة التشريعية والرسالة منقطعة في دار الدنيا، وعند خرابها يرتفع التكليف، فلا يبقى لهم إلا الولاية.
(وإنما قيدناه بالدخول في الدارين: الجنة والنار، لما شرع يوم القيامة لأصحاب الفترات والأطفال الصغار والمجانين. فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثواب العملي في أصحاب الجنة. فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن الناس، بعث فيهم نبي من أفضلهم وتمثل لهم نار يأتي بها هذا النبي المبعوث في ذلك اليوم. فيقول لهم: أنا رسول الله إليكم. فيقع عندهم التصديق به، و يقع التكذيب عند بعضهم. ويقول لهم: اقتحموا هذه النار بأنفسكم، فمن أطاعني نجى ودخل الجنة، ومن عصاني وخالف أمري، هلك وكان من أهل النار. فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها، سعد ونال الثواب العملي، ووجد تلك النار بردا وسلاما. ومن عصاه، استحق العقوبة فدخل النار ونزل فيها بعمله المخالف، ليقوم العدل من الله في عباده.) أي، إنما قيدنا بالدخول في الجنة والنار، لأن يوم الفصل قبل الدخول في المقامين تكلف بعض الناس فيه كأصحاب الفترات. وهم أهل زمان ما بعث فيهم نبي مشرع لهم، واندرس شريعة من كان