شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٣٩
ذواتهم إنما يتحقق بهذا الاسم إذا فنيت في الحق وتعلق أعيانهم الثابتة أزلا بالاتصاف بصفة الولاية وطلبهم إياها من الله باستعدادتهم، أو تعلقهم بالبقاء بعد الفناء. فالولي اسم لمن فنى عن صفاته وأخلاقه وتخلق بأخلاق الله ولمن فنيت ذاته فيه وتسترت في العين الأحدية وتحققت بها، ولمن رجع إلى البقاء وتوجه ثانيا و تعلق بعالم الخلق والفناء.
(فقوله للعزير: (لئن لم تنته (عن السؤال عن مهية القدر) لأمحون اسمك من ديوان النبوة). فيأتيك الأمر على الكشف بالتجلي، ويزول عنك اسم (النبي) و (الرسول)، وتبقى له ولايته.) (فقوله) مبتداء، وخبره أحد الأمرين المذكورين من الوعيد والوعد. أي، هذا القول وعيد عند قوم ووعد عند آخرين. حذفه لدلالة الكلام الآتي عليه. وقوله: (وتبقى له ولايته) أي، وتبقى لله ولايته، لأن (الولي) اسم لله بالأصالة، واسم العبد بالتبعية. ويجوز أن يكون ضمير (له) عائد إلى النبي الذي هو (العزير). أي، ويزول عنك اسم النبي وتبقى لعزير ولايته، إذ لا يلزم من انتفاء النبوة والرسالة انتفاء الولاية. وإنما أتى بضمير الغائب بعد الخطاب، لأنه كان على سبيل الحكاية عن الله، وبعد تمامها قال: (وتبقى لعزير ولايته). والباقي ظاهر مما مر.
(إلا أنه لما دلت قرينة الحال أن هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد، علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدار، إذ النبوة والرسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تحوي عليه الولاية من المراتب.) قوله: (إلا) بمعنى (غير). وضمير (أنه) للشأن. و جواب (لما) (علم). أي، غير أنه لما دلت قرينة الحال، وهي حال السؤال أن هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد - لأن الخطاب وقع في صورة العتاب - علم من جعل حالة السؤال مقترنة مع الخطاب أن هذا الكلام وعيد. وذلك لأن الولاية أعم من النبوة، وهي أعم من الرسالة، فالنبوة هي الولاية مع خصوصية أخرى، والرسالة هي النبوة مع خصوصية أخرى زائدة عليها. وهاتان الخصوصيتان متعلقتان بدار الدنيا، ولا يعطيهما إلا الاسم (الظاهر)، كما لا تعطى الولاية إلا
(٨٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 834 835 836 837 838 839 840 841 842 843 844 ... » »»