شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧١٦
الحق (5) والمراد ب‍ (الذوق) ما تجده العالم على سبيل الوجدان والكشف، لا البرهان والكسب، ولا على طريق الأخذ بالإيمان والتقليد. فإن كلا منها، وإن كان معتبرا بحسب مرتبته، لكنه لا يلحق بمرتبة العلوم الكشفية، إذ ليس الخبر كالعيان.
وإنما كانت مختلفة باختلاف القوى، لأن كلا منها مظهر اسم خاص. وله علم يخصه، سواء كانت روحانية أو نفسانية أو جسمانية. ألا ترى أن ما يحصل بالبصر، لا يحصل بالسمع وبالعكس؟ وما يحصل بالقوى الروحانية، لا يحصل بالقوى الجسمانية وبالعكس؟ وإن كانت تلك القوى راجعة إلى ذات واحدة، و هي الذات الأحدية. أو مع كون تلك العلوم راجعة إلى الذات الواحدة الإلهية، إذ كل ما للأسماء ومظاهرها مستفاد منها، واختلافها باختلاف القوابل، إذ العلم حقيقة واحدة، صارت باختلاف المحال علوما مختلفة.
(فإن الله تعالى يقول: (كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، و يده التي يبطش بها، ورجله التي يسعى بها). فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد، فالهوية واحدة، والجوارح مختلفة). تعليل قوله: (مع كونها ترجع إلى عين واحدة). وهذا نتيجة قرب النوافل.
(ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها) أي، يخص ذلك العلم تلك الجارحة، كإدراك البصر للمبصر، والسمع للمسموعات. ولذلك قال، عليه السلام: (من فقد حسا، فقد علما). وذلك لأن كل عضو مظهر لقوة روحانية هي مظهر لاسم إلهي، وله علم يخصه ويفيض منه على مظهره.

(٥) - قوله: (موضوعه الحق وصفاته...). لا يخفى ما فيه، فإن العلم الإلهي الذوقي موضوعه الحق من حيث ارتباطه بالخلق وارتباط الخلق به، أي، من حيث الارتباطين. ومباديه أمهات الأسماء، أي، الأسماء الذاتية. وباقي المباحث مسائله، كعلم الأسماء الصفاتي، والأسماء الأفعالي، وأحكامها، وارتباطها الناتجة للحضرات الخمسة، على التفصيل المذكور في محله، خصوصا في مفتاح الغيب، للمحقق القونيوى. (الامام الخميني مد ظله)
(٧١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 711 712 713 714 715 716 717 718 719 720 721 ... » »»