شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٩٦
ولا مهيته. فإذا لم يكن الظل دليلا لمعرفة نفسه وسببا للعلم بحقيقته، لا يمكن أن يكون دليلا لمعرفة ذات الحق وحقيقته.
(فمن حيث هو ظل له، يعلم، ومن حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه، يجهل من الحق. فلذلك نقول: إن الحق معلوم لنا من وجه، ومجهول لنا من وجه). أي، من حيث أن العالم ظل للحق، يعلم العالم، فيعلم من الحق ذلك المقدار. ومن حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من الذات الإلهية، يجهل من الحق. وهو المراد بقوله: (من صورة شخص من امتد عنه). و (ما) في قوله: (من حيث ما) زائدة. إذ معناه: ومن حيث يجهل ما في ذات ذلك الظل، يجهل الحق. أو مصدرية. أي، من حيث جهلنا لما في ذات ذلك الظل، فالحق معلوم لنا من حيث ظلاله، ومجهول لنا من حيث ذاته وحقيقته.
((أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل).) استشهاد بأن الوجود الخارجي الإضافي ظل إلهي، مستفاد من تجلى الاسم (الرب) على يدي (المبدئ) و (القادر) لإظهار المربوب.
((ولو شاء لجعله ساكنا). أي، يكون فيه بالقوة). أي، ولو شاء لجعل ذلك الظل مكتوما في ظلمة العدم وغيبه المطلق، فيكون العالم في وجود الحق بالقوة، ما ظهر شئ منه بالفعل، لكنه لم يشأ ذلك الظهور الحكم الإلهية في مده و بسطه على الأعيان.
وإنما عبر عن البقاء بالقوة ب‍ (الساكن)، لأن الظهور من القوة إلى الفعل نوع من أنواع الحركة المعنوية.
(يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل، فيكون كما بقى من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود). أي، يقول الحق بقوله: (أ لم تر إلى ربك كيف) الآية ما كان الحق بحيث إن يتجلى لأجل إظهار الممكنات التي هي ظلاله، فيكون ذلك الظل باقيا في كتم العدم، كما بقى بعض الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود الخارجي في كتم عدمه، بل حين ما يتجلى لها، ظهرت. كما قال: (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون).
(٦٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 691 692 693 694 695 696 697 698 699 700 701 ... » »»