شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٩٨
محض. وهذا مشرب المحجوبين عن الحق (15) ومشرب المحقق الجامع بين المراتب العالم بها في هذا المقام، الجمع بين الحق والخلق بحيث شهود أحدهما لا تحجبه عن شهود الآخر. وذلك لجمعه بين المرآتين، لأن المرايا إذا تقابلت، تظهر منها عكس جامع لما فيها، فيتحد ما في المرايا المتعددة بحكم اتحاد انعكاس أشعتها. وإلى هذا الاعتبار أشار بقوله: (فمن حيث هوية الحق هو وجوده).
أي، فكل ما ندركه من حيث هوية الحق الظاهرة فيه، هو وجود الحق.
(ومن حيث اختلاف الصور فيه) أي، في كل ما ندركه. (هو أعيان الممكنات. فكما لا يزول عنه). أي، عن الوجود المنسوب إلى العالم. (باختلاف الصور اسم الظل) أي، كونه ظلا للحق وأسمائه. (كذلك لا يزول عنه باختلاف الصور اسم العالم، أو اسم سوى الحق، فمن حيث أحدية كونه ظلا هو الحق، لأنه الواحد الأحد، ومن حيث كثرة الصور، هو العالم). أي، فمن حيث أحدية الوجود الإضافي وأحدية كونه ظلا ظاهرا منه، هو الحق لا غيره، لأن الحق هو الموصوف بالواحد الأحد لا غيره. وظل الشئ أيضا باعتبار عينه، وإن كان باعتبار آخر غيره. ومن حيث إنه حامل للصور المتكثرة والحق لا تكثر فيه، فهو العالم.
(فتفطن وتحقق ما أوضحته لك. وإذا كان الأمر على ما ذكرته لك، فالعالم متوهم، ماله وجود حقيقي). لأن الوجود الحقيقي هو الحق، والإضافي عائد إليه. فليس للعالم وجود مغائر بالحقيقة لوجود الحق، فهو أمر متوهم وجوده.
(وهذا معنى (الخيال)، أي، خيل لك أنه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق. وليس كذلك في نفس الأمر). صرح مقصوده من بيان كون العالم ظلا و

(١٥) - قوله: (وبالاعتبار الثاني...). ليس مقصوده من الاعتبار الثاني أن المحجوبين يشاهدون الموجودات والأعيان في مرآة الحق مع تنبههم بذلك. بل المراد أن الأمر كذلك في نفس الأمر، وإن غفل عنه المحجوب، كما أن النور مرآة شهود الأشياء حسا، وإن كان البصر لا يراه بل يرى الأجسام المستنيرة. (الامام الخميني مد ظله)
(٦٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 693 694 695 696 697 698 699 700 701 702 703 ... » »»