شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٢٨
أي، إذا تجلى الحق في صورة مثالية أو حسية، ترده العقول المحجوبة، بواسطة أنها دائما منزهة للحق ببراهين عقلية تواظب عليها، إذا (المثابرة) المدارسة والمواظبة على الشئ. والعقل، وإن كان ينزه الحق عن التشبيه، يشبه في عين التنزيه بالمجردات وهو لا يشعر. والحق تعالى منزه عن التشبيه والتنزيه بحسب ذاته، و موصوف بهما في مراتب أسمائه وصفاته:
(وتقبل في مجلي العقول وفي الذي * يسمى خيالا والصحيح النواظر) (16) أي، يقبل الحق عند أهل الكشف والشهود في مجلي العقول، أي في مقام التنزيه، و في المجلى المثالي الذي يسمى خيالا، والحسي أيضا، لجمعهم بين مقامي التنزيه والتشبيه.
(والصحيح النواظر) أي، النواظر الصحيحة تشاهد تلك المجالي كلها.
فحذف الخبر لقرينة (النواظر). أو: والصحيح ما يشاهده النواظر في مجالي الحق، كما قال تعالى في أهل الآخرة: (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة). لأن عين اليقين أعلى مرتبة من علم اليقين.
وقوله: (يقبل) مبنى للمفعول لا للفاعل، لأن العقول ما تقبل المجالي الخيالية بالآلهية.
(يقول أبو يزيد في هذا المقام) أي، في هذا المقام القلبي. لأن كلامه (رض) كان في عالم المثال. وهذا العالم لا يدرك إلا بالقلب (17) وقواه، والخيال محل ظهوره

(16) - أي، وتقبل أرباب العقول الحق، إذا تجلى بالتنزيه في المجلى العقلي، وأرباب الخيال والحس، إذا تجلى بالتشبيه في المجلى الخيالي، وأرباب القلوب الذين هم الصحيح النواظر كلا التجليين، أي التنزيه والتشبيه. فالمنزه مقيد محدد، والمشبه مقيد محدد، وكلاهما خلاف التوحيد الحقيقي. وأحدية جمع التشبيه والتنزيه إخراج عن حدين. وقد ورد من طريق أهل البيت وأصحاب الوحي الأمر بإخراجه تعالى عن الحدين: حد التشبيه و حد التعطيل. (الامام الخميني مد ظله) (17) - وهو النفس الناطقة الصافية المنورة صاحب ملكة التطور والتقلب بأمر الله. (ج)
(٦٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 623 624 625 626 627 628 629 630 631 632 633 ... » »»