شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٢٤
(ولهذا من يراه بهذه الصورة، يأخذ منه جميع ما يأمره به أو ينهاه عنه أو يخبره، كما كان يأخذ عنه، صلى الله عليه وسلم، في الحياة الدنيا) بلا تعبير وتغيير.
(من الأحكام على حسب ما يكون منه) أي، يصدر منه. (اللفظ الدال عليه، من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان). أي، ولكون المرئي عين محمد، صلوات الله عليه، في الحقيقة، يأخذ الرائي ما يحكم به من الأمر والنهى، أو يخبر عنه من الأخبار، كما كان يأخذ منه في الحياة الدنيا بلا تعبير ولا تغيير في معاني تلك الألفاظ الواقعة منه.
(فإن أعطاه) أي، أعطى النبي، عليه السلام، له. (شيئا، فإن ذلك الشئ هو الذي يدخله التعبير، فإن خرج) أي، ذلك الشئ. (في الحس، كما كان في الخيال، فتلك الرؤيا لا تعبير لها. وبهذا القدر وعليه اعتمد) أي، اعتمد بهذا القدر وعليه (إبراهيم الخليل وتقى بن مخلد). أي، ما عبر كل منهما ما أراه الحق في رؤياه.
(ولما كان للرؤيا هذان الوجهان) التعبير وعدمه. (وعلمنا الله فيما فعل بإبراهيم) من الابتلاء والفداء. (وما قال له) من قوله: (أن يا إبراهيم، قد صدقت الرؤيا). أي، صدقت ما رأيت وما عبرت إلى ما نحن أردناه منها.
(الأدب لما يعطيه مقام النبوة) أي، علمنا الله الأدب فيما فعل بإبراهيم لما يقتضيه مقام النبوة من التأدب بين يدي الله تعالى.
قوله: (علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع، إما في حق حال الرائي، أو المكان الذي رآه فيه، أوهما معا). جواب (لما). وقوله: (أو هما معا). أي، نعبرها بالحق المشروع في حق الرائي والمكان الذي رآه فيه معا. ومعناه: أن الحق إذا تجلى لنا في صورة مثالية أو حسية، يردها الدليل العقلي - أي العقل المعتبر شرعا، لا العقل الفلسفي المشوب بالوهم - وإلا كان الواجب رد كل ما جاء به الشرع مما يوجب التشبيه، سواء كان ذلك كمالا أو نقصا، إلى ما يقتضيه العقل النظري. وليس كذلك.
وجب أن نعبر ونرد تلك الصورة التي يوجب النقصان إلى الصورة الكمالية التي
(٦٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 619 620 621 622 623 624 625 626 627 628 629 ... » »»