شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٢٥
جاء بها الشرع. وهو المراد ب‍ (الحق المشروع). أي، الثابت في الشرع. كما جاء في الحديث: (أن الحق يتجلى يوم القيامة بصورة النقصان، فينكرونه، ثم يتحول أو يتجلى بصورة الكمال والعظمة، فيقبلونه فيسجدونه). وذلك التعبير والتنزيل إما أن يكون في حق حال الرائي، أي مرتبته ومقامه، أو في حق حال المرئي و رتبته، أو في حقهما معا باعتبار مراعاة مرتبتهما ومقاميهما، أو في حق حال الزمان والمكان الذي رأى الرائي الحق فيه، لأن بعض الأزمنة أفضل من غيره، كيوم الجمعة وليلة القدر، وكذلك بعض الأمكنة أشرف من البعض، كالأماكن المتبركة والأراضي المقدسة، أو في حق الجميع، كتعبير رؤيا رأيت في حق شخص. فالرائي إذا كان سالكا، ينزلها تارة على مقامه ويعبرها بحسب أحواله، وأخرى ينزلها في حق المرئي وأحواله، وقد يجمع بين ما يتعلق بنفسه و نفس المرئي.
(فإن لم يردها الدليل العقلي) بأن كان التجلي في الصورة النورية كصورة الشمس، (14) أو غيرها من صور الأنوار كالنور الأبيض والأخضر وغير ذلك. (أبقيناها على ما رأيناها، كما نرى الحق الآخرة سواء). أي، كما يتجلى الحق لنا في الآخرة. فإن ذلك التجلي أيضا يكون على صور استعدادات المتجلى له، غير ذلك لا يكون.

(14) - التجلي بالصورة النورية المقيدة، كالصورة الشمسية والقمرية، أيضا مما يرده العقل النظري، فلا بد من إرجاعها إلى الحق المشروع، كما فعل شيخ الأنبياء في رؤياه الزهرة والقمر والشمس في قوله: (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا...) إلى آخر الآية. فالتجلي أولا وقع بالصورة الكوكبية المقيدة في المظهر النفسي، ثم بالصورة القمرية التي مظهرها العقل، ثم بالصورة الشمسية التي مظهرها الروح، ثم خرج عن حد التقييد ووقع في مقام الإطلاق بمقامه القدسي، فقال إخبارا عن حاله ومقامه: إني وجهت للذي فطر سماوات الأرواح الشمسية والعقول القمرية وأراضي الأشباح الكوكبية حنيفا مسلما وما أنا من المشركين. (الامام الخميني مد ظله)
(٦٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 620 621 622 623 624 625 626 627 628 629 630 ... » »»