شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٣٣
كل حضرة، وصارت الصور تحفظ بعضها بعضا. فإذا غفل العارف عن حضرة ما، أو عن حضرات - وهو شاهد حضرة ما، من الحضرات حافظ لما فيها من صورة خلقه - انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها).
المراد بالحضرات إما الحضرات الخمس الكلية، وهي عالم المعاني والأعيان الثابتة، وعالم الأرواح، وعالم المثال، وعالم الشهادة، وعالم الإنسان الكامل الجامع بين العوالم. وإما الحضرات العلوية السماوية والسفلية الأرضية وغيرها من العناصر. وإنما ينحفظ (تلك الصورة)، إذا لم يكن العارف المتحقق بجميع المقامات والمتصف بكل الأسماء والحضرات غافلا عن تلك الصورة في حضرة ما منها، لأن ما يحصل في الوجود الخارجي لا بد وأن تكون له صورة أولا في الحضرة العلمية، ثم العقلية القلمية، ثم اللوحية، ثم السماوية والعنصرية وما يتركب منها. فإذا كانت همته حافظة لتلك الصورة في حضرة من تلك الحضرات العلوية، تنحفظ تلك الصورة في الحضرات السفلية، لأنها روح الصور السفلية.
وإذا كانت حافظة إياها في الحضرات السفلية، ينحفظ في غيرها أيضا، لكون وجود المعلول مستلزما لوجود علته ووجود الصورة دليلا لوجود المعنى، وإن كانت همته غافلة عنها، للزوم تطابق الصور بين الحضرات الإلهية. ويؤيد ذلك أحوال أصحاب الكرامات إذا أخبروا عن حدوث أمر ما، أو زواله. فإنهم يشاهدون ذلك أولا في الحضرات السماوية، ثم يوجد ما يشاهدون في الحضرات السفلية.
نعم، لو يغفل الكامل عن تلك الصورة في جميع الحضرات باشتغاله إلى غيرها، ينعدم حينئذ، وأما الغفلة عن جميع الحضرات فلا يمكن لأحد، سواء كان كاملا أو غير كامل.
(لأن الغفلة ما تعم قط، لا في العموم ولا في الخصوص). أي، لا في عموم الخلائق ولا في خصوصهم، (20) لأنهم لا بد أن يكونوا مشتغلين بأمر

(20) - قوله: (أي لا في عموم الخلائق). هذا غير صحيح. فإن هذا الحضور الذي لقاطبة الخلائق لا يستصح لإبقاء ما خلق، كما لا يستصح لأصل الخلق والإيجاد، والإيجاد و استبقاء الموجود يرتضعان بلبن واحد. فلا بد إما أن يكون المراد بالعموم عموم الحضرات، وبالخصوص حضرة ما. وهذا يحتاج إلى التكلف في العبارة. وإما أن يكون المراد عموم أهل السلوك والخلص منهم. فتدبر جيدا. (الإمام الخميني مد ظله)
(٦٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 628 629 630 631 632 633 634 635 636 637 638 ... » »»