شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٢٠
(فلو صدق في الرؤيا، لذبح ابنه) لأنه رأى أنه كان يذبحه.
(وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده) بأن قصد ذبحه.
(وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده) أي، وما كان مراد الله إلا الذبح العظيم الذي جعله الله فداء.
(ففداه) أي، الحق الذبح. (لما وقع في ذهن إبراهيم، عليه السلام) تعليل للفداء. (ما هو فداء في نفس الأمر عند الله). (ما) للنفي. أي، ليس ذلك الكبش فداء عنه في نفس الأمر، لأن الحق ما كان أمره بذبح ولده، ثم فداء عنه بالذبح، بل لأجل ما وقع في ذهن إبراهيم صورة ابنه، جعله الحق فداء في الظاهر. وقوله: (عند الله) عطف بيان (نفس الأمر).
(فصور الحس الذبح) لأنه مراد الله منها. (وصور الخيال ابن إبراهيم، عليه السلام). لأن المراد في الصور الخيالية ما يظهر بها من المعاني، لا نفس تلك الصور، لذلك قال: (فلو رأى الكبش في الخيال، لعبره بابنه أو بأمر آخر).
يكون مطلوبا من تلك الصورة.
(ثم قال) أي إبراهيم، عليه السلام: ((إن هذا لهو البلاء المبين). أي، الاختبار المبين. أي، الظاهر). يقال: بلوته. أي، اختبرته. (يعنى الاختبار في العلم). أي، اختبر الحق إبراهيم في العلم ليعلم أنه (هل يعلم) أي إبراهيم.
(ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا. لأنه)) أي، لأن الحق. (يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير. فغفل) أي إبراهيم. (فما وفي الموطن حقه. و صدق الرؤيا لهذا السبب).
وإنما اختبره، ليكمله ويطلعه على أن المعاني تظهر بالصور الحسية والمثالية دائما، فلا ينبغي أن تجمد على ظواهرها فقط، بل يجب أن يطلب ما هو المقصود منها، لئلا يكون محجوبا بظواهر الأشياء عن بواطنها، فيفوته علم الباطن والحقيقة، خصوصا علم التعبير الذي به ينتفع السالكون في سلوكهم. و جميع الابتلاءات كذلك، للتكميل ورفع الدرجات.
(٦٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 615 616 617 618 619 620 621 622 623 624 625 ... » »»