غير مركب من مختلفين وكونه أشرف، ناسب الولاية.
(كما هو آخذ عن الله في السر ما هو بالصورة الظاهرة متبع فيه) أي، الخاتم للولاية تابع للشرع ظاهرا، كما أنه آخذ عن الله باطنا لما هو متبع فيه للصورة الظاهرة. ف (ما) مع ما بعده مفعول (آخذ). (لأنه يرى الأمر على ما هو عليه، فلا بد أن يراه هكذا) تعليل لقوله: (كما هو آخذ عن الله في السر) أي، لأنه مطلع على ما في العلم من الأحكام الإلهية ومشاهد له، ولا بد أن يراه ويشاهده و إلا لم يكن خاتما. (وهو موضع اللبنة الذهبية في الباطن) أي، كونه رائيا للأمر الإلهي، على ما هو عليه في الغيب، هو موضع اللبنة الذهبية. (فإنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحى به إلى الرسول) وهو الحق تعالى.
(فان فهمت ما أشرت إليه فقد حصل لك العلم النافع) أي، إن اطلعت و قبلت ما أشرت إليه من أن الأنبياء من كونهم أولياء، والأولياء كلهم لا يرون الحق إلا من مشكاة خاتم الأولياء، فقد حصل لك العلم النافع في الآخرة. أو إن فهمت الرمز الذي أشرت به من أن الخاتم هو بعينه خاتم الرسل الظاهر لبيان الأسرار والحقائق آخرا، كما بين الأحكام والشرائع أولا، فقد حصل لكم العلم النافع على ما مر من المعنيين.
(فكل نبي من لدن آدم إلى آخر نبي، ما منهم أحد يأخذ) أي النبوة. (إلا من مشكاة خاتم النبيين وإن تأخر وجود طينته، فإنه بحقيقته موجود وهو قوله: (كنت نبيا وآدم بين الماء والطين). وغيره من الأنبياء ما كان نبيا إلا حين بعث). إنما أعاد ما ذكره ليبين أنه وإن تأخر وجود طينته، فإنه موجود بحقيقته في عالم الأرواح. وهو نبي قبل أن يوجد ويبعث للرسالة أي الأمة، لأنه قطب الأقطاب كلها أزلا و أبدا. وغيره من الأنبياء ليس لهم النبوة إلا حين البعثة لأنه، صلى الله عليه و سلم، هو المقصود من الكون وهو الموجود أولا في العلم، وبتفصيل ما يشتمل عليه مرتبته حصل أعيان العالم فيه، وأيضا، أعيان الأنبياء بحسب استعداداتهم وإن كانوا طالبين إظهار النبوة فيهم، لكنهم لم يظهروا مع أنوار الحقيقة المحمدية، كاختفاء الكواكب وأنوارها عند طلوع الشمس ونورها. فلما تحققوا