(هبة الله) بالعبرانية، سمى به ليطابق اسمه مسماه الذي هو مظهر (الوهاب) و (الفتاح). (فبيده مفاتيح العطايا على اختلاف أصنافها ونسبها). لما كان علم الأسماء التي هي مفاتيح العطايا مختصا به، عليه السلام، ولا يعلم أحد شيئا بالذوق والوجدان إلا بما فيه منه، صح أنه بيده مفاتيح العطايا، إذ هو مشتمل على الأسماء كلها ومظهر للوهاب، فصار روحه مظهرا للعطايا والمواهب الإلهية.
فمن روحه تفيض العلوم اللدنية والكمالات الوهبية، على اختلاف أصنافها و نسبها على الأرواح كلها، إلا على روح الخاتم، فإنه يأخذ منه بلا واسطة. ولما ذكرنا أن شيث هبة الله التي حصلت من الاسم (الوهاب) وكان مظهرا له وبيده مفاتيح العطايا، علل بقوله: (فان الله وهبه لآدم أول ما وهبه).
قيل (32): (قد مر أن المراد ب (آدم) حقيقة النوع الإنساني الذي هو الروح الأعظم، ويكون أول مولود وهبه الله تعالى هي النفس الناطقة الكلية والقلب الأعظم الذي يظهر فيه العطايا الأسمائية). وهذا وإن كان له وجه، إلا أن تنزيلهما بالروح والقلب دون غيرهما من الأنبياء المذكورين في الكتاب ترجيح من غير مرجح (33) وقول الشيخ (رض): (وأعنى بآدم النفس الواحدة التي خلق منها هذا النوع الإنساني). لا ينافي آدم عالم الملك، كما مر.
(وما وهبه إلا منه) لأن آدم يشتمل عليه بل على جميع أولاده، لذلك أخرجوا من ظهره على سبيل الذر، كما نطق به الحديث. لأن الولد سر أبيه، أي، مستور في وجود أبيه وموجود فيه بالقوة. (فمنه خرج وإليه عاد) أي، خرج منه