شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٧١
(ولهذا وصفه بالتدبير لهذا الهيكل الإنساني.) أي، ولكون باطنه الذي هو الروح حقا، جعله الحق مدبرا لهذا الهيكل الإنساني، ووصفه بالتدبير حيث قال: (إني جاعل في الأرض خليفة) والخليفة مدبر بالضرورة، والمدبر لا يكون إلا حقا.
(فإنه تعالى (يدبر الأمر) أي، أمر الوجود في صور المظاهر ((من السماء) وهو العلو، (إلى الأرض) وهو أسفل سافلين، لأنها أسفل الأركان كلها.) وفي العالم الإنساني المرأة بالنسبة إلى الرجل كالأرض بالنسبة إلى السماء، فالروح المدبر لصورة الرجل والمرأة مدبر للسماء والأرض.
(وسماهن ب‍ (النساء) وهو جمع لا واحد له من لفظه، ولذلك) أي، ولكونهن متأخرة في الوجود عن الرجل، سماهن بالنساء حين قال، صلى الله عليه وسلم: ((حبب إلى من دنياكم ثلاث: النساء) ولم يقل: المرأة.) أي، قال (النساء) الذي هو مأخوذ من (النسأة) هي التأخير، إشارة إلى تأخر مرتبتهن عن مرتبة الرجال وتأخر وجودهن.
(فراعى تأخرهن في الوجود عنه) أي، عن الرجل. (فإن النسأة هي التأخير.) (النسأة) بالسين الغير المنقوطة.
(قال تعالى: (إنما النسئ زيادة في الكفر)) أي، التأخير زيادة في الكفر. و تفسير الآية: أن الكفار ما كانوا يصبرون عن القتل والنهب والفساد إلى أن يخرج الأشهر الحرم - وهي رجب وذي القعدة وذي الحجة ومحرم - وكانوا يؤخرون الحرمة التي فيها إلى أشهر أخر فيقاتلون فيها، فنزلت.
(والبيع بنسئة تقول بتأخير، فلذلك ذكر النساء.) أي، فلأجل تأخرهن في الوجود عن وجود الرجل، ذكر لفظ (النساء) ولم يقل المرأة.
(فما أحبهن إلا بالمرتبة) أي، بمرتبتهن عند الله. وهي مرتبة الطبيعة الكلية.
(وإنهن محل الانفعال.) أي، وبأنهن قابلات للتأثير والانفعال، عطفا على قوله: (بالمرتبة).
(١١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1166 1167 1168 1169 1170 1171 1172 1173 1174 1175 1176 ... » »»