من الأنواع التي ينالها الحس والتجربة لا يخلو من قوة التغير وإمكان الانفعال، وهذا أصل موضوع مأخوذ من العلوم الطبيعية، وما فيه القوة والإمكان لا يخلو من مادة، فإذن المطلوب ثابت.
الفصل السابع في أن كلا من المادة والصورة محتاجة إلى الأخرى بيان ذلك أما إجمالا: فإن التركيب بين المادة والصورة تركيب حقيقي إتحادي، ذو وحدة حقيقية، وقد تقدم أن بعض أجزاء المركب الحقيقي محتاج إلى بعض (1).
وأما تفصيلا: فالصورة محتاجة إلى المادة في تعينها، فإن الصورة إنما يتعين نوعها باستعداد سابق تحمله المادة، وهي تقارن صورة سابقة، وهكذا.
وأيضا: هي محتاجة إلى المادة في تشخصها، أي في وجودها الخاص بها، من حيث ملازمتها للعوارض المسماة ب " العوارض المشخصة " من الشكل والوضع والأين ومتى وغيرها.
وأما المادة، فهي متوقفة الوجود حدوثا وبقاء على صورة ما من الصور الواردة عليها، تتقوم بها، وليست الصورة علة تامة ولا علة فاعلية لها، لحاجتها في تعينها وفي تشخصها إلى المادة، والعلة الفاعلية إنما تفعل بوجودها الفعلي، فالفاعل لوجود المادة جوهر مفارق للمادة من جميع الجهات، فهو عقل مجرد أوجد المادة، وهو يستحفظها بالصورة بعد الصورة التي يوجدها في المادة.
فالصورة جزء للعلة التامة، وشريكة العلة للمادة، وشرط لفعلية وجودها. وقد شبهوا استبقاء العقل المجرد المادة بصورة ما بمن يستحفظ سقف بيت بأعمدة متبدلة فلا يزال يزيل عمودا وينصب مكانه آخر.