بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٢٠
وإن لم يكن للعلم دخل في فاعلية الفاعل كانت الغاية ما ينتهي إليه الفعل، وذلك: أن لكمال الشئ نسبة ثابتة إليه، فهو مقتض لكماله. ومنعه من مقتضاه دائما أو في أكثر أوقات وجوده قسر دائمي أو أكثري ينافي العناية الإلهية بايصال كل ممكن إلى كماله الذي أودع فيه استدعاؤه، فلكل شئ غاية هي كماله الأخير الذي يقتضيه، وأما القسر الأقلي، فهو شر قليل، يتداركه ما بحذائه من الخير الكثير، وإنما يقع فيما يقع في نشأة المادة بمزاحمة الأسباب المختلفة.
الفصل الثامن في إثبات الغاية فيما يعد لعبا أو جزافا أو باطلا والحركات الطبيعية وغير ذلك ربما يظن: أن الفواعل الطبيعية لا غاية لها في أفعالها، ظنا: أن الغاية يجب أن تكون معلومة مرادة للفاعل (1)، لكنك عرفت أن الغاية أعم من ذلك (2)، وأن للفواعل الطبيعية غاية في أفعالها، هي ما تنتهي إليه حركاتها (3).
وربما يظن: أن كثيرا من الأفعال الاختيارية لا غاية لها، كملاعب الصبيان بحركات لا غاية لهم فيها، وكاللعب باللحية، وكالتنفس، وكانتقال المريض النائم من جانب إلى جانب، وكوقوف المتحرك إلى غاية عن غايته، بعرض مانع يمنعه عن ذلك، إلى غير ذلك من الأمثلة (4).
والحق: أن شيئا من هذه الأفاعيل لا يخلو عن غاية، توضيح ذلك (5): أن في الأفعال الإرادية مبدأ قريبا للفعل، هو القوة العاملة المنبثة في العضلات، ومبدأ

(1) هذا الإشكال تعرض له الشيخ الرئيس في الفصل الخامس من المقالة السادسة من إلهيات الشفاء.
(2) راجع الفصل السابق.
(3) هكذا أجاب عنه الشيخ الرئيس في الفصل الخامس من المقالة السادسة من إلهيات الشفاء.
(4) هذا الإشكال أيضا تعرض له الشيخ الرئيس في الفصل الخامس من المقالة السادسة من إلهيات الشفاء.
(5) كما في الفصل الخامس من المقالة السادسة من إلهيات الشفاء.
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»