بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٣٧
تحت الواحد منها مع بعض آخر، كاللون مع الطعم مثلا، فالتضاد بالاستقراء إنما يتحقق بين نوعين أخيرين مندرجين تحت جنس قريب، كالسواد والبياض المندرجين تحت اللون، كذا قرروا (1).
ومن أحكامه أنه يجب أن يكون هناك موضوع يتواردان عليه، إذ لولا موضوع شخصي مشترك لم يمتنع تحققهما في الوجود، كوجود السواد في جسم والبياض في آخر، ولازم ذلك أن لا تضاد بين الجواهر، إذ لا موضوع لها توجد فيه، فالتضاد إنما يتحقق في الأعراض، وقد بدل بعضهم (2) الموضوع بالمحل حتى يشمل مادة الجواهر، وعلى هذا يتحقق التضاد بين الصور الجوهرية الحالة في المادة.
ومن أحكامه أن تكون بينهما غاية الخلاف، فلو كان هناك أمور وجودية متغايرة، بعضها أقرب إلى بعضها من بعض، فالمتضادان هما الطرفان اللذان بينهما غاية البعد والخلاف، كالسواد والبياض الواقع بينهما ألوان أخرى متوسطة، بعضها أقرب إلى أحد الطرفين من بعض، كالصفرة التي هي أقرب إلى البياض من الحمرة مثلا.
ومما تقدم يظهر معنى تعريفهم المتضادين بأنهما: " أمران وجوديان، متواردان على موضوع واحد، داخلان تحت جنس قريب، بينهما غاية الخلاف " (3).
الفصل الثامن في تقابل العدم والملكة ويسمى أيضا: " تقابل العدم والقنية " (4)، وهما: أمر وجودي لموضوع من شأنه أن يتصف به، وعدم، ذلك الأمر الوجودي في ذلك الموضوع، كالبصر والعمى الذي

(1) راجع الأسفار 2: 113.
(2) راجع شرح المقاصد 1: 145.
(3) راجع الأسفار 2: 112 - 113.
(4) القنية: أصل المال وما يقتنى.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»