فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٥٥٧
المقالة الرابعة من جوامع كتب الهند وهي ستة وثلاثون بابا.
الباب الأول منها في علة الطب.
قد رأيت عند انتهائي إلى آخر الكتاب ان اذكر في مقالة واحدة أبوابا من محاسن كتب الهند في الطب وأفضل أدويتهم ورجوت ان يكون ذلك زائدا في علم المتعلم لأنه إذا عرف ما اتفق واختلف فيه هاتان الأمتان العظيمتان تفنق به وتخرج بمعرفته واستعماله، وفيما كتبت أشياء كثيرة موافقة لقول فلاسفة الروم وأشياء مخالفة لهم لا أعرف حجتهم فيها فمهما وجد القاري فيه من قول حسن أو رأى صواب فليقبله وليطرح ما خالفه فقد جمعت فيه جملا موجزة وعيونا من علم القوم، جمعتها من كتاب جرك وكتاب سسرد وندان واشتانقهردي.
قالوا ان الأرض لم تزل في قديم الدهر نيرة خصبة سليمة والمهابوت الخمسة معتدلة، يعني بالمهابوت الطبائع وجعلوها خمسة بالريح وكان الناس متحابين متوافقين لا حرص فيهم ولا تباغض ولا حسد ولا غير ذلك مما يسقم الأبدان والنفس، فلما دخل الحسد جاء بعقبه الحرص فلما حرصوا احتاجوا إلى الاجتهاد في الجمع فلما اشتد على بعضهم الجمع وسهل على بعض دخلت لذلك الهموم والفكر والتعب والنصب والتغالب والحرب والمخادعات والكذب ففشت الذنوب عند ذلك وتغيرت المهابوت ودخلت الاسقام وشغلتهم هذه الخصال عن عبادة الله واحياء العلم واستحكم بذلك الجهل فاجتمع العلماء والصلحاء إلى ناسكهم فرسريرا طري (1) وسألوه

(1) (فراجافطي)
(٥٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 552 553 554 555 556 557 558 559 560 561 562 ... » »»