بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلواة على خير خلقه محمد واله وصحبه أجمعين.
اما بعد فان فحول العلماء وحذاق الأطباء وان كانوا اشتغلوا بنقل الكتب الطبية من الألسنة العلمية مثل اليونانية إلى اللغة العربية منذ عهد الخلفاء الأموية، لكن هذه النهضة الطبية الجديدة العربية لم تبلغ مداها ولا نالت قصاها الا في عهد الخلفاء العباسية حين تولت مهرة الأطباء وكلمة الحكماء مثل حنين بن إسحاق وإسحاق ابن حنين حبيش ويحيى بن ماسويه وعيسى بن يحيى وغيرهم نقل هذا الفن الشريف من الألسنة اليونانية والهندية وغيرها إلى اللغة العربية واستقصته الا ما شاء الله، وما اقتصروا على النقل الجيد من لغة إلى لغة بل جدوا وأضافوا اليه فصنفوا رسائل بديعة مؤسسة على ما شاهدوه من الأدواء وأسبابها وجربوه من الأدوية وخواصها، وألفوا كناشات حوت الفنون الطبية المتنوعة وجمعت شتاتها، فذل لطلبة الطب بذلك ما كان صعبا وسهل لهم تناوله بعدان كان عسرا.
ومن تلك الكناشات الطبية القديمة التي نقلت إلى اللغة العربية أو ألفت فيها في بدؤ الخلافة العباسية أو قبلها لم يذكر مصنفو العرب الا هذه السبع: ثلاث مجموعات لاوريباسيوس وثلاث كناشات لاهرون القس وفولس الاجانيطي وجورجس أبي بختيشوع وفردوس الحكمة لعلي بن ربن الطبري، الذي هو أول المجموعات الطبية التي