بشئ، وليست النفس في البدن كالعرض في الجوهر، لان النفس ليست بعرض بل جوهر يدبر الجسم " كما مر " وليست فيه مثل الممتزجين بعضهما في بعض، لان الممتزجين لا يثبتان على حالهما الأول كالخمر والماء فإنهما إذا امتزجا تغيرا عن حالهما الأول، فاما النفس والجسد فثابتا على حالهما، وليست النفس بنوع للجسم ولا الجسم بنوع لها، وليست فيه كالشئ يكون في الزمان لان الزمان متقدم لما يحدث فيه وليس البدن متقدما للنفس، فالنفس اذن في البدن كالصورة في الهيولي، وليست النفس بجسم كما قلنا انفا ولا النور أيضا بجسم لان النور ينفذ في الزجاج وفي الهواء و يملأه كله حتى يتصل بالأرض ولو كان جسما لوجب ان يكون جسما ينفذ في جسم آخر لان الهواء " لم يصل " (1) جسم وهذا محال لأنه لا ينفذ جسم في جسم كما لا ينفذ حجر في حجر ولا جدار في جدار وأيضا فان الأشياء المتضادة كلها يجمعها جنس المضاف، وحد النور انه عدم الظلمة، وحد الظلمة انها عدم النور فان لم تكن الظلمة التي هي ضد النور جسما فالنور أيضا ليس بجسم، وحد النور من جهة التعليم انه قابل للصور والاشكال، وحده من جهة الطباع انه المؤدي إلى الابصار كيفية الألوان والاشكال، ووجدت في كتاب وضع في العين ان النور نار فجعل المصنف النور جسما لان النار جسم، وقد نجد النور بلا حرارة وحرارة بلا نور مثل الحجارة والبيوت المظلمة إذا حميت في الصيف ومثل جامات الزجاج التي تجعل على الكوى فإنه ينفذ فيها النور ولا ينفذ فيها الحر فلو كان النور جسما أو نارا لكان ينبغي أن لا ينفذ في اطباق الزجاج التي لا ينفذ فيها الهواء بلطافته وأن يكون متى وجدنا النور وجدنا معه النارية أيضا، وقد جعل الحكماء لكل شئ حدا لئلا يدخل فيه ما
(٦٧)