ان الرجل يتحرك بلا حركة ويحيى بلا حياة ويأكل بلا اكل، فهذا غلط بين، وتعامى عما لا يخفى على كل ذي " بصر " (1) و فهم، فلو لم تكن حركة لما كان متحول أيضا " ولو لم يكن كلام لما كان متكلم ولو لم يكن حياة لما كان حي " ولو لم يكن سمع و بصر لما كان في الدنيا سميع ولا بصير، " وذلك محال " وقالوا في الحركة أيضا انها على ستة أنواع اما كون ككون الانسان من الزرع، واما فساد كالشجرة تعود إلى التلف، واما نماء كالصغير يصير كبيرا واما بلاء كالسمين يصير مهزولا باليا، واما تغير كالسقم بعد الصحة، واما زوال من مكان إلى مكان على استقامة إلى الجهات التي ذكرنا فوق أو على استدارة في مكان واحد كالفلك والرحى لأنهما لا ينتقلان عن مكانهما، واما ان ينتقل عن مكانه على الاستدارة مثل العجلة، وقال فيثوغورس ان النفس في البدن مثل الملك المدبر " للبلاد " (2) والبدن لما مثل الأعوان والآلات، والطبيعة لها كالخازن، فهي تفعل أفاعيلها مرة من قبل ذاتها بالفكرة ومرة من قبل آلاتها، ومثل أفعالها المختلفة في الأبدان مثل شعاع الشمس، فإنها تطلع على الأشياء الأرضية دفعة واحدة فيقبلها كل جسم على نحو ما في قوته وطباعه ان يقبله، فبعض يبيض وبعض " ييبس " (3) وبعض يلين وبعض يصلب، وكذلك الأنفس، فان كل جسم تحل فيه النفس يقبل قوتها ويتحرك بها على قدر ما في قوة ذلك الجسم وطباعه، فبعض الناس يكون عاقلا وبعض جاهلا وبعض شريرا، وقال الحكيم ان حدها انها جوهر نوري لها سبع قوى، وهي تحرك ذاتها بالشوق منها إلى صانعها، وقالوا أيضا
(٦٥)