فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٦٤
مثل حركة الماء والنار " وتسمى حركة طبيعية " والحركات كلها ثلاثة أزواج، زوج منها يكون في الجواهر " وهما " (1) الكون والفساد فإنهما لا يكونان الا بالحركة، وزوج في الكمية " وهما " (2) ما يحدث في الأجسام من زيادة أو نقصان، وحركة واحدة تكون في الانتقال المكاني أعني تحوله من مكان إلى مكان آخر، و حركة أخرى تكون في الكيفية مثل استحالة الاعراض من حال إلى حال، مثل البياض إلى السواد والحر إلى البرد، وقد قالوا ان الحركة أول كل كون طبيعي والسكون آخره، وللحركة معنيان، أحدهما الشوق والاخر الفعل، فاما الفعل فمثل حركة النار " واحراقها " واما الشوق فعلى ثلاثة أنواع، أحدهما شوق الحيوان إلى غذاء يقيم به بدنه فهو يتحرك لطلبه، وشوق الانسان إلى الرأي الصواب، ومعرفة الأشياء الغامضة، وشوقه إلى الانتقام ممن يسيئ اليه، وهذا لشوق هو الذي يقال له الغضب، ويقال ان النفس تحرك الأشياء كلها في سبع جهات إلى فوق والى أسفل و إلى يمين وشمال وقدام وخلف، فهذه الست الجهات عامة للأجسام كلها، والسابعة حركة الاستدارة مثل حركة الفلك وحركة الرحى والمجنون، فالانسان مستطيع لان يتحرك في هذه الجهات السبع كلها لأنه يدور على نفسه ويصعد وينزل ويقبل ويدبر ويتيامن و يتياسر، وقد أنكر قوم ذلك، وقالوا ان الانسان غير مستطيع للحركة والفعل، وجهلوا انه لولا الحركة والاستطاعة لما قدروا ان ينطقوا ولا ان يجحدوا نعمة الله التي بها فرق ما بين الانسان و بين الشجر والحجر، فان من قال هذا القول يأكل وهو يزعم أنه لا يقدر على الأكل، ويتكلم ويزعم أنه لا يقدر ان يتكلم، ويحمل مائة رطل ويزعم أنه لا يقدر ان يحمل عشرة أرطال، ويقول أيضا

(1) " وهو (2) وهو "
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»