المقالة الثانية " من النوع الثاني " عشرة أبواب، الباب الأول منها في " ذكر " النفس وانها ليست بعرض ولا مزاج من المزاجات، قال أرسطوطيلس الفيلسوف ان العلم بالنفس الناطقة أكبر من سائر العلوم لان من عرفها فقد عرف ذاته ومن عرف ذاته قوي على معرفة الله، وقد صدق الفيلسوف فان من جهل نفسه و " حواسه " (1) كان لغير ذلك أجهل، ولقد عجبت لأصحاب الكناشات كيف أغفلوا عن ذلك وغيره مما قد جمعت في هذا الكتاب مع معرفتهم بان لاغناء للطبيب عن علمه ولا تمام لصناعته الا به، فالأشياء المتحركة كما " قال الفيلسوف " (2) على ضربين، اما تكون حركة الشئ من داخله " واما من خارجه " (3) فالأشياء التي حركتها " من داخل هي التي حركتها في ذاتها مثل الكواكب " (4) والنار والماء، و الأشياء التي حركتها من خارج فمثل السهم المرمي والعجلة اللذين يحركهما الانسان، والأشياء التي قلنا انها تتحرك من داخل " فاما ان (5) تتحرك من جهة واحدة فقط كالنار والماء، واما ان تتحرك من جهات مختلفة " كالفلك وأجسام البشر " فهذه التي تتحرك من جهات مختلفة فان حركتها ليس من قبل الطبيعة بل من علة أخرى تسميها الناس النفس، وقد قال الفيلسوف ردا على من زعم أن النفس نار أو ماء أو مزاج أو عرض ان كل شئ اما جوهر واما عرض و " معلوم ان " الجسم جوهر وليس بعرض، و " عرف " ان " النفس هي التي تدبر الجسم وتحركه " فان الجسم لا يتحرك بما هو جسم إذ لو أمكن ذلك لكان كل جسم متحركا " فان كانت
(٦٠)