فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ٦١
النفس عرضا من الاعراض فالعرض اذن يدبر الجوهر لان الجسم جوهر كما قلنا ومحال ان تدبر الاعراض الجواهر، لان الجواهر هي التي تدبر الاعراض، فالنفس اذن جوهر وليست بعرض، و قد ظن قوم انها نار أو هواء، ولو كانت النفس نارا لكانت كل نار نفسا وكان كل جسم فيه نار أو هواء، ذا نفس مثل الزق الذي فيه الريح ومثل الحجر الذي فيه الهواء، وقال أيضا ان النفس ليست جسما ولو كانت جسما لكان بعض الأجسام نفسا ناطقة متحركة وبعضها جسما مواتا وهذا خطاء " لان الشئ لا يؤثر في نفسه " ولو كانت النفس جسما لكانت تنقص بنقصان الجسم الذي هي فيه وتزيد بزيادته، ومن " حدود " (1) الجسم ان فعل بعضه غير فعل كله كالعين التي فعلها غير فعل الاذن، فاما النفس فان الكل والجزء فيها شئ واحد لأنها ليست (مركبة) من اجزاء مركبة مختلفة وقال " أيضا ان الأجسام لا تتحرك حتى يحركها شئ آخر " (2) ولا يخلوا ذلك الشئ الذي يحرك الجسم ويدبره من أن يكون نفسا أو جسما فإن كان الشئ الذي يحرك الأجسام هو أيضا جسم فان الجسم اذن يدبر الجسم والموات يحرك الموات، وهذا محال، فالشئ الذي يدبر الأجسام هو النفس اذن وليس بجسم، وقال أيضا لو كانت النفس مزاجا من المزاجات أو مقدارا من المقادير كما ظن قوم لكانت فينا اذن أنفس كثيرة ناطقة لان مقادير أعضائنا كثيرة ولكان كان شئ في العالم مما له مزاج من المزاجات له نفس ناطقة وليس ذلك كذلك، فليس لكل ذي مزاج نفس، فالنفس في الأجسام بمنزلة الصورة في الهيولى (وجسم للنفس كالهيولي) و قال أيضا ردا على من زعم أنها ممتزجة بالأجسام انه لو كانت النفس

(1) " شان " (2) أيضا في معناه ان الأجسام المتحركة فان حركتها ليست من ذاتها "
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»