ممتزجة بالأجسام لكان من قطع عضو من أعضائه انقطع معه جزء من نفسه أيضا " لامتزاجها به وهو محال " ولو كانت النفس مركبة من أشياء متضادة لكانت الأشياء التي توافقها تزيد فيها كما تزيد في الجسم الأشياء التي توافقه وتنفعه مثل الصحة والفرح والعز، وكما ينقص من الجسم ما يخالفه ويضره مثل المرض والآفات والفقر، فاما النفس " لعدم تركيبها " على خلاف ذلك، فلا يزيد فيها ما يوافقها ولا ينقص منها ما يخالفها، والذي يوافقها الجود والعدل والعلم، والذي يخالفها الجهل والبخل والظلم وما أشبه ذلك، " وقال " (1) ان النفس تفارق الجسد فلا تفسد " كما يفسد هو " وذلك انها تعرف الأشياء وتراها من غير مباشرة لها، فإذا كان فعلها أعني حركتها وفكرتها ينتهي إلى الصين والهند وفوق السماء من غير أن تفارق الجسد فلا محالة انها " فيه " (2) بعد الجسم وانها تعلم الأشياء بعد مفارقة الجسد، وإن لم يكن ذلك كذلك وجب ان يكون فعلها أكرم من جوهرها، ومن المحال ان يكون فعل الشئ أكرم وأفضل من الشئ نفسه، لان الفعل انما يظهره الفاعل غير أنه لا يبقى من قوى النفس الا ما كان من قوى " الفعل " (3) فان ذلك لا يفسد، وكل شئ اما عقلي يدرك بالعقل أو حسي يدرك بالحس، وفي النفس هاتان القوتان جميعا لأنه تعقل الأشياء وتحسها ولذلك قيل إن صور الأشياء كلها في النفس بالقوة من قبل أن تعرفها فإذا عرفتها كانت الأشياء كلها فيها بالفعل، فاما حد النفس من جهة التعليم فإنها " تمام " (4) جسم طبيعي آلي ذي حياة بالقوة، وحدها من جهة الطباع انها ابتداء كل حس وكل حركة، ومعنى قولنا انه " تمام " (5) جسم طبيعي آلي ان الجسم انما يكون " تمامه " (6) و
(٦٢)