فالأول كقولك: لو جئتني لأكرمتك.
والثاني: كقوله تعالى: ﴿لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا﴾ (١) فإنه مسوق للاستدلال على نفي تعدد الإله.
والسر في ذلك أنها تدل على علية الشرط على تقدير وجوده للجزاء، وكما يصح الاستدلال على عدم المعلول بعدم العلة يصح العكس إذا كانت العلة منحصرة فيه حقيقة أو ادعاه.
وقد تؤتى بها فيما الجزاء مستمر الوجود على تقديري وجود الشرط وعدمه، وذلك في كل ما يكون نقيض الجزاء أليق بالشرط، ونقيض الشرط أوفق بالجزاء، كقولك: لو أهنتني لأكرمتك.
ومنه قوله تعالى: ﴿ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام﴾ (2) الآية.
وقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فيما روي عنه في بنت أبي سلمة: أنها لو لم تكن ربيبتي في حجري (3) ما حلت لي، إنها لابنة أخي من الرضاعة (4).
وقول عمر: نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه (5).
ومن ذلك ذهب بعض النحاة إلى أنها إنما تدل على امتناع الشرط ولا دلالة لها على امتناع الجزاء، بل إن كان مساويا للشرط في العموم لزم انتفاؤه; للزوم انتفاء المسبب من انتفاء سببه المساوي نحو: لو كانت الشمس طالعة كان النهار موجودا، وإن كان أعم لم يلزم; لعدم استلزام انتفاء السبب الخاص انتفاء المسبب