الثالثة: في الإتيان بلفظ «أتوا» الدال على المجيئ بسهولة، دلالة على أنهم إنما طلبوا النص على الخليفة بأنفسهم من غير إجبار ولا إكراه، وعلى أنهم كانوا يتمكنون من استفسار المطالب الدينية بسهولة، وأنه - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يكن يمنعهم عن ذلك بوجه فيكون أدخل في ذمهم، فإنهم إما أن استفسروا واستعلموا الوصي واستيقنوه ثم أنكروه، أو لم يبالغوا في استعلامه.
وعلى كل تقدير فهم المفرطون الغاصبون.
الرابعة: التصريح باسم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - للتبرك والاستلذاذ. والتصريح باسم المختص به لئلا يبقى اشتباه وتردد فإنه مقام التسجيل عليهم بعصيانهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولتعظيم عصيانهم فإنهم عصوا مثل أحمد - صلى الله عليه وآله وسلم - كما يقال: أمير المؤمنين يأمرك بكذا، وللكناية باسمه الشريف على أنه أحمد الخلائق خصالا وفعالا، فلم يكن من شأنه أن يبهم عليهم أمر الخليفة، أو ينص عليه لهم بما يبقى لهم فيه شك وارتياب، أو ينص على من لم يؤمن بالنص عليه من الله سبحانه ويتبع في ذلك هواه، أو تكلم به على لسانهم تنبيها على أنهم لم يكونوا مؤمنين بنبوته ليدعوه بالنبي أو الرسول وإن دعوه بهما لم يكن ذلك على وفق اعتقادهم بل اللائق بحالهم أن يدعوه باسمه.
الخامسة: إنما عبر عن مقالهم بالخطبة. أما إن كانت بضم الخاء فللدلالة على أنهم طولوا الكلام وبالغوا في ذلك، أو أنهم قالوا ذلك في صورة الوعظ، وفيه دلالة على سوء أدبهم مع نبي الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وإن كانت بكسر الخاء فلدلالة على غاية رغبتهم في التنصيص كرغبة الخاطب فيمن يخطبها لنفسه.
السادسة: تقديم الظرف، أعني: خبر ليس على اسمه للقافية، وتقريب الضمير من مرجعه وزيادة تخصيص الاسم.