خزانة الأدب - البغدادي - ج ٦ - الصفحة ١٧٥
تقديره أنت والعتيق مفعوله وماء معطوف على العتيق وباردا صفة ماء. ومفهومه أن العتيق إذا روي بالرفع لم يكن كذب اسم فعل. ولم يبين حكمه وكأنه ترك شرحه لشهرته بمعنى الإغراء. وفيه أن كذب سواء نصب ما بعده أو رفع بمعنى الإغراء كما في الأمثلة المذكورة في الشرح فجعله مع المنصوب دون المرفوع اسم فعل تحكم لا يظهر له وجه. على أن النصب قد أنكره جماعة وعينوا الرفع منهم أبو بكر بن الأنباري في رسالة شرح فيها معاني الكذب على خمسة أوجه قال: كذب معناه الإغراء ومطالبة المخاطب بلزوم الشيء المذكور كقول العرب: كذب عليك العسل ويريدون كل العسل. وتلخيصه: أخطأ تارك العسل فغلب المضاف إليه على المضاف. قال عمر بن الخطاب: كذب عليكم الحج كذب عليكم العمرة كذب عليكم الجهاد: ثلاثة أسفار كذبن عليكم معناه الزموا الحج والعمرة والجهاد. والمغرى به مرفوع بكذب لا يجوز نصبه على الصحة لأن كذب فعل لا بد له من فاعل وخبر لا بد من محدث عنه والفعل والفاعل كلاهما تأويلهما الإغراء. ومن زعم أن الحج والعمرة والجهاد في حديث عمر حكمهن النصب لم يصب إذ قضى بالخلو عن الفاعل. وقد حكى أبو عبيد عن) أبي عبيدة عن أعرابي أنه نظر إلى ناقة نضو لرجل فقال: كذب البزر والنوى. قال أبو عبيد: لم يسمع النصب مع كذب في الإغراء إلا في هذا الحرف. قال أبو بكر: وهذا شاذ من القول خارج في النحو عن منهاج القياس ملحق بالشواذ التي لا يعول عليها ولا يؤخذ بها. قال الشاعر:
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»