ووجهه مع النصب من باب سراية المعنى إلى اللفظ فإن المغرى به لما كان مفعولا في المعنى اتصلت به علامة النصب ليطابق اللفظ المعنى. وقال عبد الدائم بن مرزوق القيرواني في كتاب حلى العلى في الأدب: إنه يروى العتيق بالرفع والنصب ومعناه عليك العتيق وماء شن وأصله: كذب ذاك عليك العتيق ثم حذف عليك وناب كذب منابه فصارت العرب تغري به. وقال الأعلم في شرح مختار الشعراء الستة عند كلامه على هذا البيت: قوله: كذب العتيق أي: عليك بالتمر. والعتيق: التمر البالي. والعرب تقول: كذبك التمر واللبن أي: عليك بهما. وبعض العرب ينصب وهم مضر والرفع لليمن. وأصل الكذب الإمكان. وقول الرجل للرجل: كذبت أي: أمكنت من نفسك وضعفت فلهذا اتسع فيه وأغري به لأنه متى أغري بشيء فقد جعل المغرى به ممكنا مستطاعا إن رامه المغرى. انتهى. قال أبو حيان في شرح التسهيل بعد نقله لهذا الكلام: وإذا نصبنا بقي كذب بلا فاعل على ظاهر اللفظ) والتي تقتضيه القواعد أن هذا يكون من باب الإعمال فكذب يطلب الاسم على أنه فاعل وعليك يطلبه على أنه مفعول فإذا رفعنا الاسم بكذب كان مفعول عليك محذوفا لفهم المعنى التقدير كذب عليكه الحج. وإنما التزم حذف المفعول لأنه مكان اختصار ومحرف عن أصل وضعه فجرى لذلك مجرى الأمثال في كونها يلتزم فيها حالة واحدة يتصرف فيها وإذا نصبنا الاسم كان الفاعل مضمرا في كذب يفسره ما بعده على رأي سيبويه ومحذوفا على رأي الكسائي. وقال ابن طريف في الأفعال: وكذب عليك كذا أي: عليك به معناه
(١٧٧)