خزانة الأدب - البغدادي - ج ٣ - الصفحة ٢٣٦
والمنزل: فاعل أبكاك قال الزمخشري في كتاب الأمكنة والمياه. عرفة الأملح وعرفة رقد وعرفة اعيار: مواضع تسمى العرف. وأنشد بيت الكميت. وفي المحكم لابن سيده: العرف بضمتين موضع وقيل جبل. وأنشد البيت أيضا. وكذا ضبطه أبو عبيد البكري في معجم ما استعجم وقال: هو ماء لبني أسد. وأنشد البيت وقال: ويخفف بسكون الراء قال عباس بن مرداس:
* خفافية بطن العقيق مصيفها * وتحتل في البادين وجرة والعرفا *) فدل قول عباس أن العرف بوادي بني خفاف اه.
وقوله: وما أنت الخ استفهام توبيخي ينكر بكاءه وهو شيخ على الأطلال. والطلل: والمحول: اسم فاعل من أحول الشيء: إذا مر عليه حول وهي السنة. ويك: كلمة تفجع وأصله ويلك. وستوك مبتدأ وما بعده خبره والجملة حالية. وكرب بفتح الراء كروبا: دنا.
وكرب من أخوات كاد تعمل عملها واسمها ضمير الستين. وجملة تكمل في موضع نصب خبرها.
وترجمة الكميت بن زيد تقدمت في الشاهد السادس عشر.
وأشد بعده وهو الشاهد العاشر بعد المائتين * فيا لك من ليل كأن نجومه * بكل مغار الفتل شدت بيذبل * على أن قوله من ليل تمييز عن المفرد الذي هو الضمير المبهم في قوله يا لك.
وفيه أن الضمير غي رمبهم لتقدم مرجعه في البيت قبله وهو قوله: ألا أيها الليل الطويل كما يأتي فالتمييز فيه عن النسبة لا عن المفرد ومن لبيان الجنس. وقال المرادي في شرح الألفية: من زائدة في الكلام الموجب ولهذا يعطف على موضع مجرورها بالنصب كقول الحطيئة: يا سنه من قوام ومنتقبا وصحح هذا أبو حيان في الارتشاف. ويا: حرف نداء واللام للتعجب تدخل على المنادى إذا تعجب منه. ولأجل هذا أورد ابن هشام هذا البيت في المغني قال في شرح بانت سعاد: الأصل يا إياك أو يا أنت ثم لما دخلت عليه لام الجر للتعجب انقلب الضمير المنفصل المنصوب أو المرفوع ضميرا متصلا مخفوضا.
وأورده المرادي في شرح الألفية على أن اللام فيه للاستغاثة استغاث به منه لطوله كأنه قال: يا ليل ما أطولك قال ابن هشام: وإذا قيل يا لزيد بفتح اللام فهو مستغاث فإن كسرت فهو مستغاث لأجله والمستغاث محذوف فإن قيل يا لك احتمل الوجهين. والباء في قوله: بكل متعلقة بشدت. والمغار بضم الميم: اسم مفعول بمعنى المحكم من أغرت الحبل إغارة: إذا أحكمت فتله. ويذبل: اسم جبل لا ينصرف للعلمية ووزن الفعل وصرفه للضرورة. يقول: إن نجوم الليل لا تفارق محالها فكأنها مربوطة بكل حبل محكم الفتل في هذا الحبل. وإنما استطال) الليل لمقاساة الأحزان فيه.
وهذا البيت من معلقة امرئ القيس المشهورة. وفيها خمسة أبيات في وصف الليل وهي:
* وليل كموج البحر أرخى سدوله * علي بأنواع الهموم ليبتلي * * فقلت له لما تمطى بصلبه * وأردف أعجازا وناء بكلكل * * ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي * بصبح وما الإصباح منك بأمثل * * كأن الثريا علقت في مصامها * بأمراس كتان إلى صم جندل * فقوله: وليل الواو واو رب. و السدول: الستور جمع سدل وسدل ثوبه: إذا أرخاه. يقول: رب ليل يحاكي أمواج البحر في توحشه وهوله وقد أرخى علي ستور ظلامه مع أنواع الحزن ليختبرني: أأصبر أم أجزع وهذا بعد ان تغزل تمدح بالصبر والجلد.
وقوله: ف لت له لما تمطى الخ تمطى: امتد. وناء: نهض. والكلكل: الصدر. والأعجاز: الأواخر جمع عجز وهو من استعمال الجمع موضع الواحد. وقد استشهد ابن مالك بهذا البيت على أن الواو لا تدل على الترتيب لأن البعير ينهض بكلكله والأصل: فقلت له لما ناء بكلكله وتمطى بصلبه وأردف أعجازه.
وقوله: ألا أيها الليل الطويل الخ انجلي: أمر بمعنى انكشف والياء إشباع. والإصباح: الصباح.
والأمثل: الأفضل. وأورد هذا البيت في تلخيص المفتاح على أن صيغة الأمر فيه للتمني ومعناه تمنى زوال ظلام الليل بضياء الصبح ثم قال: وليس الصباح بأفضل منك عندي لاستوائهما في مقاساة الهموم أو لأن نهاره يظلم في عينه لتوارد الهموم. فليس الغرض طلب الانجلاء من الليل لأنه لا يقدر عليه لكنه يتمناه تخلصا مما يعرض له فيه ولاستطالة تلك الليلة كأنه لا يرتقب انجلاءها ولا يتوقعه. فلهذا حمل على التمني دون التراخي.
قال الإمام الباقلاني في إعجاز القرآن: ومما يعدونه من محاسن هذه القصيدة هذه الأبيات الثلاثة وكان يعضهم يعارضها بقول النابغة:
* كليني لهم يا أميمة ناصب * وليل أقاسيه بطيء الكواكب * * وصدر أراح الليل عازب همه * تضاعف فيه الحزن من كل جانب * * تقاعس حتى قلت ليس بمنقض * وليس الذي يتلو النجوم بآيب * وقد جرى ذلك بين يدي بعض الخلفاء فقدمت أبيات امرئ القيس واستحسن استعارتها وقد) جعل لليل صدرا يثقل تنحيه ويبطئ تقضيه وجعل له أردافا كثيرة. وجعل له صلبا يمتد ويتطاول. ورأوا هذا بخلاف ما يستعيره أبو تمام من الاستعارات الوحشية البعيدة المستنكرة.
ورأوا أن الألفاظ جميلة. واعلم أن هذا صالح جميل وليس من الباب الذي يقال إنه متناه عجيب. وفيه إلمام بالتكلف ودخول في التعمل انتهى.
وقوله: كأن الثريا علقت الخ المصام بفتح الميم: موضع الوقوف. والأمراس: الحبال جمع مرس محركة. والجندل: الحجارة. يقول: كأن الثريا مشدودة بحبال إلى حجارة فليست تمضي.
قال العسكري في التصحيف: ومما خالف فيه ابن الأعرابي الأصمعي في المعنى لا في اللفظ قوله: فالهاء في مصامها عند الأصمعي ترجع إلى الثريا. ومعنى مصامها: موضعها ومقامها. وهو يصفالليل وأن نجومه لا تسير من طوله فكأن لها أواخي في الأرض تحبسها. هذا مذهب الأصمعي. و ايت هذا البيت في نوادر ابن الأعرابي وفسره بتفسير عجيب فقال ورواه: كأن نجوما علقت في مصامه ثم فسر وقال: شبه ما بين الحوافر وجثمانه بالأمراس وضم جندل يعني جثمانه. فأخذ هذا البيت وصيره في وصف الفرس وحمله على أنه بعد:
* وقد أغتدي والطير في وكناتها * بمنجرد قيد الأوابد هيكل اه * وترجمة امرئ القيس قد تقدمت في الشاهد التاسع والأربعين.
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 236 236 236 237 238 239 240 241 ... » »»