خزانة الأدب - البغدادي - ج ٣ - الصفحة ٢٤١
وروى القالي في أماليه ' فترة '. وسئل ابن الحاجب: هل نصح رواية القالي؟ فأجاب: يستقيم ذلك على معنيين: أحدهما أن يكون معنى لتعروني لترعدني، أي: تجعل عندي العرواء، وهي الرعدة، كقولهم: عري فلان: إذا أصابه ذلك، لأن الفتور الذي هو السكون عن الإجلال والهيبة، يحصل عنه الرعدة غالبا عادة، فيصبح نسبة الإرعاد إليه، فيكون كما انتفض منصوبا انتصاب قولك: أخرجته كخروج زيد، إما على معنى كإخراج زيد، وإما لتضمنه معنى خرج غالبا، فكأنه قيل خرج، فصح لذلك مثل خروج زيد، وحسن ذلك تنبيها على حصول المطاوع الذي هو المقصود في مثل ذلك، فيكون أبلغ في الاقتصار على المطاوع، إذ قد يحصل المطاوع دونه مثل أخرجته فلا يخرج.
والثاني: أن يكون معنى ' لتعروني ' لتأتيني وتأخذني فترة، أي: سكون، للسرور الحاصل من الذكرى؛ وعبر بها عن النشاط لأنها تستلزمه غالبا، تسمية للمسبب باسم السبب، كأنه قال: ليأخذني نشاط كنشاط العصفور. فيكون ' كما انتفض '، إما منصوبا نصب له صوت صوت حمار - وله وجهان:
أحدهما: أن يكون التقدير يصوت صوت الحمار، وإن لم يجز إظهاره استغناء عنه بما تقدم.
والثاني: أن يكون منصوبا بما تضمنته الجملة من معنى يصوت - وإما مرفوعا صفة لفترة، أي: نشاط مثل نشاط العصفور.. وهذه الأوجه الثلاثة المذكورة في الوجه الثاني، في إعراب ' كما انتفض '، تجري على تقدير رواية رعدة وهزة. وروى الرماني عن السكري ع الأصمعي:
* إذا ذكرت يرتاح قلبي لذكرها * كما انتفض العصفور بلله القطر *
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»