* قد أصبحت أم الخيار تدعي * علي ذنبا كله لم أصنع * على أن الضمير العائد على المبتدأ من جملة الخبر يجوز حذفه قياسا عند الفراء إذا كان منصوبا مفعولا به والمبتدأ لفظ كل نقل الصفار أنه مذهب الكسائي أيضا وقد نقل ابن مالك في التسهيل الإجماع على جواز ذلك وزاد على كل ما أشبهها في العموم والافتقار من موصول وغيره نحو أيهم يسألني أعطي ونحو رجل يدعو إلى الخير أجيب أي أعطيه وأجيبه وقال شارح كلامه لم نر هذا الإجماع بل منعه البصريون وأما نقله في شبه كل فقد قال أبو حيان لا أعلم له سلفا في ذلك أقول الصحيح جوازه بقلة لوروده في المتواتر قرأ ابن عامر في سورة الحديد فقط وكل وعد الله الحسنى وأما في سورة النساء فقد قرأ مثل الجماعة بالنصب وقال ابن جني في المحتسب لحذف هذا الضمير وجه من القياس وهو تشبيه عائد الخبر بعائد الحال أو الصفة وهو إلى الحال أقرب لأنها ضرب من الخبر وهو في الصفة أمثل بشبه الصفة بالصلة وفي حذفه من لم أصنع ما يقوم مقامه ويخلفه لأنه يعاقبه ولا يجتمع معه وهو حرف الإطلاق أعني الياء في أصنعي فلما حضر ما يعاقب الهاء صارت لذلك كأنها حاضرة 1 ه ومفهوم قول الفراء أن المبتدأ إذا لم يكن كلا يمتنع حذف العائد والصحيح فيه أيضا الجواز بقلة في الكلام والشعر أما الأول فقد قرأ يحيى وإبراهيم والسلمي في الشواذ أفحكم الجاهلية يبغون بالمثناة التحتية وأما الثاني فكثير منه قول الشاعر * فخالد يحمد ساداتنا * أي يحمده ساداتنا وأعلم أن الشارح المحقق أورد هذا الشاهد في باب الاشتغال أيضا وقال يروى برفع كل ونصبه وكذلك رواهما سيبويه وقد أنكر عليه المبرد رواية الرفع وقال الذي رواه الجرمي وغيره من الرواة النصب فقط ومنع هذه المسألة نظما ونثرا قال ابن ولاد س أيضا رواه بالنصب وقال إن النصب أكثر وأعرف فأغنى هذا الاحتجاج عليه بقول الجرمي ألا ترى قوله إن الرفع ضعيف وهو بمنزلته في غير الشعر لأن النصب لا يكسر ولا يخل به ترك إضمار الهاء كأنه قال كله غير مصنوع وقد روى أهل الكوفة والبصرة هذه الشواهد رفعا كما رواها س 1. ه وظاهر كلام س أن الضرورة ما ليس للشاعر عنه فسحة وتقدم الكلام عليها في أول شاهد من هذه الشواهد وزعم تقي الدين السبكي في رسالة كل وفي تفسيره أن رواية النصب تساوي رواية الرفع في المعنى كله غير مصنوع وهذا يقتضي أن النصب أيضا يفيد العموم وأنه لم يصنع شيئا منه لما تقرر من دلالة العموم وقد تأملت ذلك فوجدت قول س أصح من قول البيانيين وأن المعنى حضره وغاب عنهم لأنه ابتدأ في اللفظ بكل ومعناها كل فرد فكان عاملها المتأخر في معنى الخبر لأن السامع إذا سمع المفعول تشوف إلى عامله كما يتشوف سامع المبتدأ إلى الخبر وبه يتم الكلام فكان كله لم أصنع مرفوعا ومنصوبا سواء في المعنى وإن اختلفا في الإعراب ويبعد كل البعد أن يحمل كلام سيبويه على أن كله لم أصنع بالرفع والنصب معناه عدم صنع المجموع فيكون قد صنع بعضه لأن معنى الحديث على خلافة في قوله كل ذلك لم يكن إلى آخر ما ذكره ونقل الدماميني بعض هذا الكلام في الحاشية الهندية وقال وكأن ابن هشام لم يقف على كلام س فنقل تساوي المعنى في الرفع والنصب عن الشلوبين وابن مالك ولو وقف على كلام سيبويه لم ينقل عنهما
(٣٤٩)