يحتم على المسلم افتراض الدوافع السليمة عند الفقهاء في كل ما يأتون به من آراء فإذا جاء أحدهم برأي غير ناهض فذاك لان ذلك غاية وسعة الذي انتهي إليه بعد اعمال جهده واعمال ملكة الاجتهاد التي ينبغي ان يكون قد حصل عليها قبل ان يتصدى للفتوى، لا كما يحاوله البعض من اعطاء صفة الاجتهاد لمن دب ودرج، ولمن كل مبلغ علمه حفظ بضعة روايات، وليس له حتى من أدوات العلم شئ، وهي كارثة ابتلي بها تراث المسلمين، وانسحبت على حاضرهم، فراح الكثير منا عشار المتعلمين يعطي نفسه حق التصدي للفتوى، ويصدر كتبا يفتي بها الناس، وويل لهؤلاء من الله تعالى عندما يسألهم عدا إذا كانوا على علم مما يقولون أم لا والله تعالى يقول: (ولا تقف ما ليس لك به علم أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) الاسراء 36. ويقول سبحانه: (الله اذن لكم أم على الله تفترون) يونس 9.
ونعود لنؤكد ما إذا وجدنا آراء من هذا النوع فلا ينبغي أن تكون هذه الآراء مادة للتهريج، فبربك ماذا يقول من يسمع شاعرا من أهل السنة ينسب للامام الشافعي: بأنه يفتي بجواز ان يتزوج الرجل من بنته، بدون ان يعرض المسألة ويذكر انها المتكونة من زنا، وانها أجنبية كما يري، وغير ذلك من حيثيات الحكم، ويسمعه ينسب للإمام أبي حنيفة جواز شرب الخمر، دون ان يعرف اي نبيذ هو وما هو دليلة ومن أين جاءته الشبهة. هكذا يبتلي فكرنا بمثل هؤلاء فقد ذكر (مختصر العلم والعمل) لابن عبد البر بهامش (مبيد النقم ومعيد النعم للتاج السبكي الشافعي الأبيات التالية:
* الشافعي من الأئمة قائل * اللعب بالشطرنج غير حرام وأبو حنيفة قال وهو مصدق * في كل ما يروي من الأحكام شرب المثلث والمربع جائز * فاشرب على من الآثام