فمن الغريب هنا أن توضع قاعدة في أقصى مدة الحمل استنادا إلى امرأة واحدة، هي امرأة عجلان الذي يعتبر وضعها حالة شاذة على فرض صحته، ولا يوضع القانون والقاعدة على حالات نساء المجتمع كافة التي تكون مدة الحمل عندها بالنحو المتعارف تسعة أشهر تزيد أياما في أقصاها، ونحن بالتأكيد لا نتهم هؤلاء العلماء بسوء القصد ولكن نأخذ عليهم عدم التتبع والجهد والإحاطة الكافية قبل إصدار هذه الفتاوى التي قد تبرز الفقه الاسلامي بصورة الأساطير والبعد عن العلم وهو ما لا نتصوره بحال من الأحوال من فقهاء مسلمين عرفوا بمعاناتهم الشديدة للوصول إلى استنباط الحكم من أدلته.
كما أنه ليس من المعيب بل من المتعين أن يحيل الفقيه أمثال هذه الموضوعات إلى ذوي الاختصاص - وهم في مثل ما نحن بصدده الأطباء - ليعطوا رأيهم حسب الفن والاستقرار والاحصائيات التي لا تخلو منها مستشفيات الولادة في كل بلدان العالم: بأقصى مدة الحمل يستند الحكم إليها أسوة بكثير من الاحكام التي تكون موضوعاتها من هذا القبيل. وبذلك نصون أحكام الله تعالى عن أن ترمى بأنها قائمة على افتراضات غير علمية.
وبالإضافة إلى ما يترتب على مثل هذه الآراء من آثار مدمرة للأسرة وطهارتها، ومضيعة لكثير من الأموال والحقوق التي يستولي عليها من لا يستحقها وتذهب من وارثها الصحيح. وكم من فرصة تضيع على امرأة تريد الزواج بعد وفاة زوجها، فيقال لها إذا شك في حملها: يجب أن تتربص مدة طويلة من السنين حتى تستبرئ وقد يدفعها الشيطان إلى عمل الفاحشة ما دام في يدها سلاح المدة الطويلة وقد وقد وهكذا.