وحكي عن بعضهم إنه إنما تجب الصلاة عليه (ص) في العمر مرة واحدة إمتثالا لأمر الآية، ثم هي مستحبة في كل حال، وهذا هو الذي نصره القاضي عياض بعد ما حكى الإجماع على وجوب الصلاة عليه (ص) في الجملة.
(ثم استغرب ابن كثير قول من قال: إن الصلاة على النبي (ص) تجب في العمر مرة واحدة ثم هي مستحبة في كل حال) فقال؟ قلت؟ وهذا قول غريب، فإنه قد ورد الأمر بالصلاة عليه في أوقات كثيرة فمنها واجب، ومنها مستحب على ما نبينه. (ثم أخذ ابن كثير يبين بعض الأوقات التي يستحب فيها الصلاة على النبي (ص) والأوقات التي تجب فيها، ويذكر الأحاديث النبوية المروية في ذلك فذكر منها، عند سماع الآذان وعند دخول المسجد والخروج منه، وفي الصلاة على الميت في التكبيرة الثانية وجوبا، وفي صلاة العيد، وأول الدعاء وأخره ووسطه وروى في ذلك عن الترمذي بسنده عن عمر بن الخطاب قال الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شئ حتى تصلي على نبيك، كذلك رواه أيوب بن موسى عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب مرفوعا وكذا رواه رزين بن معاوية في كتابه مرفوعا عن النبي (ص) قال: الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد حتى يصلى عليه، فلا تجعلوني كغمر الراكب، صلوا على أول الدعاء وأخره، ووسطه. وذكر ابن كثير من الأوقات التي يستحب فيها الصلاة على النبي (ص) استحبابا مؤكدا عند القنوت، وفي يوم الجمعة، وليلتها، وإنه يستحب فيها الإكثار من الصلاة عليه، وروى في ذلك عن الإمام أحمد بن حنبل بسنده عن أوس بن أوس الثقفي قال: قال رسول الله (ص): من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه، فأن صلاتكم