ومن جهة ثالثة إنهم أحق بالفهم، وأجدر بالعلم، وأحرى بالاهتداء إلى الأمور الدينية، والنصائح الإلهية، وذلك كله حيث إنهم قد آمنوا بربهم أي صدقوا به تعالى، وبوعده ووعيده لأن الأيمان بالله هو التصديق به ومحله في القلب لذا قال تعالى: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ([الحجرات / 14]. والمراد من القلوب هي النفوس، أي لا تكونون مؤمنين حقا حتى يستقر الأيمان ويثبت في نفوسكم.
اختصاص لفظ (الذين آمنوا) بهذه الأمة فقط وتعبير الله عن المؤمنين بهذا اللفظ الذين آمنوا بنحو الخطاب أو بغير الخطاب مما يختص بهذه الأمة تشريفا لهم على غيرهم من الأمم.
وأما الأمم السالفة فيعبر الله عنهم بألفاظ أخرى، بلفظة قوم كقوله تعالى: (قوم نوح (و (قوم هود (وبلفظ أصحاب كقوله: (أصحاب مدين (و (أصحاب الرس (وبلفظ: (أهل الكتاب (و (بني إسرائيل (وبلفظ: (الذين هادوا والنصارى والصابئين (إلى غير ذلك من التعابير المختلفة، أما التعبير بهذا اللفظ، الذين آمنوا، فالظاهر إنه مما يخص التشرف به هذه الأمة الإسلامية كرامة لنبيها (ص)، فعلى المؤمنين من هذه الأمة أن يشكروا الله تعالى على هذا التشريف لهم ويقدروه حق تقديره بامتثال أوامره وتلبيتها. قال بعض المفسرين: إذا سمعت الله عز وجل يقول: يا أيها الذين آمنوا فارع لها سمعك، فإنها لأمر تؤمر به، أو لنهي تنهى عنه، أو إخبار بفرض تخبر به وأعلم إن جميع أوامر الله لعباده المؤمنين، ونواهيه لهم إنما هي لصالحهم وإسعادهم في الدارين، إذ ما أمر