الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٩٦
كمن وقف على طرف الجبل لا في وسطه إذ لو وقف على وسطه وأصابه عارض من هواء عاصف يسقطه أو عدو يدفعه يستطيع أن يقوم ويستقيم أما إذا وقف على طرف الجبل وأصابه عارض من هواء أو عدو أو غير ذلك فإنه يسقط إلى الوادي السحيق على وجهه.
هكذا مثلت الآية الكريمة هؤلاء المزيفين في عبادتهم، ومن الناس من يعبد الله على حرف نعم على حرف واحد وهو - بزعمه - خير لنفسه والحال هذا الحرف الذي اعتمده هو الذي يهلكه حيث جعل عبادته لربه كصفقة في سوق التجارة الدنيوية فإن أصابه خير في دنياه اطمأن به وقال إن ديننا فيه الخير فها هو يجلب النفع ويدر الضرع وينمي الزرع ويكفل الرواج وان أصابته فتنة وابتلاء لم يتماسك له انقلب على وجهه خاسرا الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين.
إن حساب الربح والخسارة يصلح للتجارة الدنيوية فقط ولكنه لا يصلح أن يكون في طريق عبادة العبد لربه يجب أن تكون خالصة له تعالى والله هو الذي يجزي عباده بما شاء طبق حكمته وتفضله منه عليهم ولا يكون ذلك الجزاء إلا بعد استسلام المخلوق لخالقه الذي هو مصدر وجوده من الأساس وهو ربه ورب كل شئ قال تعالى: (رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا ([مريم / 66].
الرياء في عبادة الله عبادة لخلقه لا له تعالى وممن يعبد الله على حرف الذين يعبدون الله بزعمهم وهم يراؤون الناس بعبادتهم لطلب المنزلة والسمعة في قلوبهم بما يقومون به من أعمال
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»