الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٩٤
على الغرة (أي على الغفلة) حيث لا إقالة ولا رجعة، كيف نزل بهم ما كانوا يجهلون وجاءهم من فراق الدنيا ما كانوا يأمنون وقدموا من الآخرة على ما كانوا يوعدن... إلى آخر الخطبة (1).
وأوحى الله تبارك وتعالى إلى داود (ع): يا داود ان مثل الدنيا عندي كمثل جيفة اجتمعت عليها الكلاب يجرونها أفتحب أن تكون كلبا مثلهم فتجر معهم (الخطاب لداود والمقصود عبدة الدنيا).
ولقد أجاد الإمام الشافعي حيث يقول: (2) وسيق إلينا عذبها وعذابها كما لاح في أرض الفلاة سرابها عليها كلاب همهن اجتذابها وان تجتذبها نازعتك كلابها.
ومن يذق الدنيا فإني طعمتها فلم أرها إلا غرورا وباطلا وما هي إلا جيفة مستحيلة فإن تجتنبها كنت سلما لأهلها.
نعم هذه هي الدنيا وهذه هي حقيقتها جيفة مستحيلة إلى هياكل مغرية وطالبوها - بدون الرجوع إلى الله وإلى دينه الحق - كلاب مفترسة ولكن ويا للأسف الكثير من الناس قد عبدوها من دون الله الخالق المتعال الذي بيده الدنيا والآخرة، قال تعالى: (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ([الزمر / 86]. قال إمامنا الحسين (ع) عند نزوله إلى كربلاء

(1) (نهج البلاغة) ص 225 شرح محمد عبدة.
(2) ديوان الإمام الشافعي، ص 21.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»