الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٠٠
الضلال في ذلك الزمان، فقد نبذ الكتاب حملته وتناساه حفظته حتى تمالت بهم الأهواء وتوارثوا ذلك من الآباء وعملوا بتحريف الكتاب كذبا وتكذيبا فباعوه بالبخس وكانوا فيه من الزاهدين.
فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان طريدان منفيان وصاحبان مصطحبان في طريق واحد لا يؤويهما مؤو فحبذا ذانك الصاحبان واها لهما ولما يعملان له فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان في الناس وليسوا فيهم ومعهم وليسوا معهم وذلك لأن الضلالة لا توافق الهدى وان اجتمعا.
وقد اجتمع القوم على الفرقة وافترقوا عن الجماعة قد ولوا أمرهم وأمر دينهم من يعمل فيهم بالمكر والمنكر والرشا والقتل كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب إمامهم لم يبق عندهم من الحق إلا اسمه ولم يعرفوا من الكتاب إلا خطه وزبره يدخل الداخل (أي في الدين) لما يسمع من حكم القرآن فلا يطمئن جالسا حتى يخرج من الدين ينتقل من دين ملك إلى دين ملك ومن ولاية ملك إلى ولاية ملك ومن طاعة ملك إلى طاعة ملك ومن عهود ملك إلى عهود ملك فاستدرجهم الله من حيث لا يعلمون وان كيده متين بالأمل والرجاء حتى توالدوا في المعصية ودانوا بالجور، والكتاب لم يضرب عن شئ منه صفحا ضلالا تائهين قد دانوا بغير دين الله عز وجل وأدانوا لغير الله، مساجدهم في ذلك الزمان عامرة من الضلالة خربة من الهدى فقراؤها وعمارها أخائب خلق الله وخليقته، من عندهم جرت الضلالة وإليهم تعود فحضور مساجدهم والمشي إليها كفر بالله العظيم إلا من مشى إليها وهو عارف بضلالتهم فصارت مساجدهم من فعالهم على
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»