الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٠١
ذلك النحو خربة من الهدى عامرة من الضلالة قد بدلت سنة الله وتعدت حدوده ولا يدعون إلى الهدى ولا يقسمون الفيء ولا يوفون بذمة، يدعون القتيل منهم شهيدا على ذلك قد أتوا بالافتراء والجحود واستغنوا بالجهل عن العلم ومن قبل ما مثلوا بالصالحين كل مثلة، وسموا صدقهم على الله فرية وجعلوا في الحسنة العقوبة السيئة.
وقد بعث الله عز وجل إليكم رسولا من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم وانزل عليه كتابا عزيزا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد قرآنا عربيا غير ذي عوج لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، فلا يلهينكم الأمل ولا يطولن عليكم الأجل فإنما أهلك من كان قبلكم أمد أملهم وتغطية الآجال عنهم حتى نزل بهم الموعود الذي ترد عنه المعذرة وترفع عنه التوبة وتحل معه القارعة والنقمة، وقد أبلغ الله عز وجل إليكم بالوعد وفصل لكم القول وعلمكم السنة وشرح لكم المناهج ليزيح العلة وحث على الذكر ودل على النجاة وانه من انتصح الله واتخذ قوله دليلا هداه للتي هي أقوم ووفقه للرشاد وسدده ويسره للحسنى فإن جار الله آمن محفوظ وعدوه خائف مغرور فاحترسوا من الله عز وجل بكثرة الذكر واخشوا منه بالتقى وتقربوا إليه بالطاعة فإنه قريب مجيب. قال الله عز وجل: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ([البقرة / 187] فاستجيبوا لله وآمنوا به وعظموا الله الذي لا ينبغي لمن عرف عظمة الله ان يتعظم، فإن رفعة الذين يعلمون ما عظمة الله ان يتواضعوا له، وعز الذين يعلمون ما جلال
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»