الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٨٥
قال الإمام الصادق (ع): ليست العبادة هي السجود ولا الركوع وإنما هي طاعة الرجال، ومن أطاع مخلوقا في معصية الخالق فقد عبده (1).
ومعنى الآية: ستكفر الآلهة بعبادة متبعيهم وأخيرا ستكون الآلهة ضدهم ومعادين لهم، وهكذا الآلهة من الرؤساء أنفسهم أيضا يتبع الأضعف منهم الأقوى ويتخذه إلها له وأخيرا سيكفر الأقوى بالأضعف ويكون ضده، ذلك لأنهم يبنون قضاياهم على مصالحهم الشخصية الدنيوية دون وازع ورادع من دين أو ضمير. ولم تذكر الآية متى تكون الآلهة ضد متبعيها، هل هذه الضدية تكون في الدنيا أم في الآخرة؟ والظاهر إنها ستكون في الدنيا أولا وفي الآخرة ثانيا لذلك قال: (سيكفرون (وما قال: سوف يكفرون، حيث تستعمل السين للقريب وسوف للبعيد، وهذا ما يشاهد في العيان والوجدان أن الطغاة شأنهم دائما الغدر والخيانة والإذلال للمستضعفين وتفريق كلمتهم وتمزيق وحدتهم - باسم الوحدة - لتتم السيطرة عليهم كما قيل: (فرق تسد) ولذلك قال تعالى في الآية الثالثة: (ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا (فقوله: (ألم تر (يفيد معنى الاستشهاد بالرؤية العينية أو العينية والقلبية، وقوله: (أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا (لعل المراد من الشياطين شياطين الأنس والجن لا شياطين الجن فقط ويؤيد ذلك قوله تعالى في آية أخرى: (شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ([الإنعام / 113] فهؤلاء الشياطين يرسلهم الله - بمشيئته - إرسالا تكوينيا لا تشريعيا على الكافرين من التابعين والمتبوعين على طريق المجازاة لهم على

(1) راجع (تفسير القمي) ج 2، ص 55.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»