الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٩٠
صلحاءهم وقضى بينهم فقهاؤهم وجعل المال في سمحائهم، وإذا أراد بالعباد شرا عمل عليهم سفهاؤهم وقضى بينهم جهلاؤهم وجعل المال عند بخلائهم، وان من صلاح الولاة ان يصلح قرباها ثم التفت إلى معاوية فقال: نصحك يا معاوية من أسخطك بالحق، وغشك من أرضاك بالباطل، فقطع معاوية عليه كلامه وأمر بإنزاله ثم لاطفه وأمر له بمال فلما قبضه قال له: الست من السمحاء الذين ذكرت؟ فقال: إن كان لك مال غير مال المسلمين أصبته حلالا وأنفقته إفضالا فنعم، وان كان مال المسلمين احتجبته دونهم أصبته اقترافا وأنفقته إسرافا فإن الله يقول: (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ([الإسراء / 28] (1).
حقا لقد وقف هذا الصحابي الجليل موقفا جريئا أمام معاوية وأمام مجلسه وأبان الحق في وجوب تقديم طاعة الله الخالق على طاعة غيره من المخلوقين، وما أعطى معاوية ما أراده منه من انتقاص علي أمير المؤمنين وأخيرا شاء الله أن يحظى هذا الرجل بالسلامة من معاوية بل حظي - بموقفه ذاك - بخير الدنيا والآخرة لأنه كان مع الله، ومن كان مع الله كان الله معه، قال عز من قائل: (واعلموا أن الله مع المتقين ([التوبة / 38].
ومن الأحاديث الناهية عن إطاعة من يأمر بمعصية الله قوله (ص): " السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة " (2).

(1) (شرح النهج) لابن أبي الحديد ج 4 ص 322.
(2) راجع كتاب (نظام الحكم والإدارة في الإسلام) للعلامة الشيخ باقر القرشي ص 54 وص 248.
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»