الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٨٩
أما الأحاديث في ذلك فهي أكثر من ان تحصى، منها ما جاء في الحديث الشهير المتفق عليه الوارد عن النبي (ص) وأهل بيته وأصحابه الكرام أنهم قالوا: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وجاء هذا النص أيضا في نهج البلاغة للإمام علي أمير المؤمنين (ع) وإليك ما شرحه وعلق عليه ابن أبي الحديد في شرحه قال بما نصه: هذه الكلمة قد رويت مرفوعة (أي عن النبي (ص)) وجاء في كلام أبي بكر (رض): أطيعوني ما أطعت الله فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم.
موقف جرئ لصحابي مع معاوية ثم قال ابن أبي الحديد: قال معاوية لشداد بن أوس (وهو أحد الصحابة الذين أوتوا العلم والحلم (1) قال له: قم فأذكر عليا فانتقصه، فقام شداد فقال: الحمد لله الذي افترض طاعته على عباده وجعل رضاه عند أهل التقوى أأثر من رضا غيره، على ذلك مضى أولهم وعليه مضى آخرهم، ثم قال: أيها الناس ان الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قاهر (وهو الله) وان الدنيا أكل حاضر يأكل منها البر والفاجر وان السامع المطيع لله لا حجة عليه وان السامع العاصي لا حجة له وانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وإذا أراد الله بالناس خيرا استعمل عليهم

(1) شداد بن أوس بن ثابت الخزرجي الأنصاري ابن أخي حسان بن ثابت شاعر النبي (ص) يكنى أبا يعلى، نزل الشام بناحية فلسطين ومات بها سنة ثمان وخمسين وهو ابن خمس وسبعين سنة، وقال فيه أبو الدرداء: إن أبا يعلى شداد بن أوس ممن آتاه الله العلم والحلم، وقال سعيد بن عبد العزيز: وفضل شداد بن أوس الأنصاري بخصلتين بيان إذا نطق ويكظم إذا غضب، وجاء في ترجمته إنه كانت له عبادة واجتهاد في العمل.
راجع ترجمته في (الإصابة) لابن حجر العسقلاني ج 2 ص 138، و (الاستيعاب) لابن عبد البر ج 2 ص 134 ط مصطفى محمد بمصر.
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»